الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

شر صفوف النساء أولها

صفحة 336 - الجزء 1

  وأما أن سنة المرأة أن تقف خلف الرجل أو الرجال إن كان هنالك رجل سوى الإمام، أو خلف الإمام إن كانت وحدها، فلا أعلم في ذلك خلافاً لثبوت ذلك من حديث أنس الذي خرجه البخاري: «أن النبي ÷ صلَّى به وبأمه أو خالته، قال أنس: فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة⁣(⁣١) خلفنا» والذي خرجه عنه - عن أنس - أيضاً مالك أنه قال: (فصففت أنا واليتيم وراءه عليه وآله الصلاة والسلام، والعجوز من ورائنا).

  والأحاديث من فعله ÷ قاضية بهذا، وهي أنه لم يصلِّ رجلٌ بامرأة أجنبية ليس معه رجل آخر، وأما فعل عائشة مع ذكوان فلأنه مولاها.

  ثم قال: «وأيضاً إذا كان الإمام رجلاً ومعه جماعة من الرجال في صف أو صفوف ثم صلَّى بعدهم من النساء صفوف فهو يصدق على أول صفوف النساء وآخرها الشرية والخيرية المذكورة في الحديث، وقد جعلها المصنف مفيدة للنهي فلزم على ذلك عدم صحة صلاة صفهن الأول الكائن بعد صف الرجال والمصنف لا يقول به» اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن الشوكاني في هذا البحث قد تعمد أن يخبط ويخلط، وأن يشكك حتى في كلام مؤلف (الشفاء) الذي ببين أيدينا، فكلام الإمام الحسين | نص في أن الرجل إذا صلى بنساء لا رجل آخر معه فصلاتهن باطلة؛ لأنهن قد أخذن الصف الأول، أما إذا كان معه رجل آخر فقد أخذ الإمام ومن بجانبه الصفَّ الأول فصحت صلاتهن.

  ولم يثبت من فعله ÷ ولا من قوله أن رجلاً أجنبياً أمَّ نسوة قط.

  أما الشوكاني فقد جوَّز إمامة المرأة خَرْقاً منه لإجماع المسلمين بلا دليل.

  ثم قال: «وأما الأمر بتأخير النساء في الحديث الآخر فهو صحيح المعنى وإن كان في شيء هو أعم من محل النزاع، لكنه قد صدق عليه، وهو لا يكون إلا مع اجتماع الرجال والنساء في الجماعة» اهـ كلامه.


(١) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.