الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الصلاة الوسطى هي الجمعة والظهر في سائر الأيام

صفحة 392 - الجزء 1

  حجة فإن كل صلاة من الصلوات الخمس يمكن أن يقال فيها: هذا، فيقال: الفجر وسطى؛ لأن قبلها صلاتين ليليتين وبعدها صلاتين نهاريتين، والظهر: الوسطى لأن قبلها نهارية! وبعدها نهارية، والعصر الوسطى لأن قبلها نهاريتين وبعدها ليليتين» ونحو هذه التقديرات التي لا يستفاد منها إلا شغلة الأوقات» اهـ كلامه.

  أقول: ما قدّمه الشوكاني لا يستفاد منه إلا شغلة الأوقات بما لا فائدة فيه؛ لأن التعصب يعمي ويصم، فقد نقل عن الإمام أنه روي عن عائشة: «والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر» وهذه الرواية إنما هي عن حفصة لا عن عائشة، أما عن عائشة فهي «صلاة العصر» كما في «الكشاف» و «السنن الكبرى».

  والمسألة فيها خلاف، وقد ذهب علي # إلى أنها الجمعة في يوم الجمعة والظهر في سائر الأيام كما روى الإمام، وهو الراجح.

  ورواه صاحب «السنن» أيضاً، فلا وجه للنقاش؛ إلا أن في تعليق الشوكاني ما يفيد بأنه لا يفرق بين اليوم والنهار فجعل الفجر من صلاة النهار وإنما هي من صلاة اليوم، والنهار إنما هو من طلوع الشمس إلى غروبها، والليل من فجر يومه إلى الغروب، هذا الذي قال عنه صاحب «المقدمة»⁣(⁣١) المحقق في كل فن، ولم نجد له⁣(⁣٢) تحقيقاً في أصول ولا لغة ولا نحو، وما تحقيقه إلا كتحقيق الحاصل على شهادة الدكتوراة من «السعودية»، لا لاستحقاقه لها، وإنما أجرة له على محو المذهب الزيدي وغرس الوهابية.

  نعم: ثم إنك تجد الحق سبحانه وتعالى إذا أراد الوقت الممتد من طلوع الشمس إلى غروبها عبّر عنه بالنهار كقوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}⁣[الحج: ٦١] وحينما يريد الوقت الممتد من طلوع الفجر إلى الغروب و يعبّر عنه باليوم كقوله سبحانه: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ}⁣[البقرة: ١٨٤] {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}⁣[البقرة: ١٩٦].


(١) مقدمة «وبل الغمام» المطبوع مع «شفاء الأوام».

(٢) للشوكاني.