الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(الشفاعة)

صفحة 444 - الجزء 1

  ثم يقول: «فما كان أحقهم [رواة أحاديث الشفاعة لأهل الكبائر] بأن يُقبل ما رووه في تلك الدفاتر التي هي دواوين الإسلام ولكن صاحب العصبية عينُه عن الحق عمية إذا جئتَه بحديث يدل على خلاف معتقده الذي دب عليه ودرج قال: هذا من رواية الحشوية أو الأشعرية». اهـ.

  يعني أن الفرق موجودة قديماً وأن الذي ردّ أحاديث الشفاعة معتزلي أو نحو هذه العبارة.

  ثم يقول: «ولو سأله سائل عن سند ذلك الحديث أو عن اسم الراوي له من الصحابة فضلاً عمن بعده لم يعرف من ذلك نقيراً ولا قطميراً فضلاً عن أن يعرف اعتقاد من دوّنه في كتابه من أهل الحديث، دع عنك هذا فمعرفته تحتاج إلى عرفان تام واطلاع علمي خاص وعام، قد ينكر المتأخرون من أهل مذهب من المذاهب أقوال أوائلهم ويعدّونها من كلام خصومهم، ويقع راويها معهم في الطويل العريض وكم شاهدنا من هذا النوع» اهـ كلامه.

  أقول: هذا كلام لا يليق بجاهل يستحي من عدم الوقوع، ومن قول الناس فكيف بعالم؟!

  نعم قد يقع نقل عن أهل مذهب، والناقل له إما غالط أو مغالط، فينكر أهل المذهب المنقول منهم أن هذا مذهبهم، وكم قد وقع للشوكاني من خبط في النقل، وذَكَر [في نيل الأوطار] تصحيح ابن خزيمة لحديث وضع اليد على اليد على الصدر، وهي كلمة لا وجود لها في صحيح ابن خزيمة وإنما اختلقها من نفسه، ومشعها من كيسه.

  ثم قال: «ومن أغرب ما يحكيه لمن يطلع على هذه الأحرف ...» اهـ.

  سرد حكاية في غاية الجهالة والإجمال قد مخضها الضلال مخضاً، ومحضها لنفسه محضاً، خلاصتها أن علماء أهل زمانه مداهنون لم يميّز بين مشائخه ولا غيرهم، العامة والسواد والأعظم فيعتقدون اعتقاده في الصحابة ويدينون لأهل مذهبهم ورأيهم ليس لهم مثل تحقيقه ولا عندهم قدم للحق راسخة، ولا رأي في الهدى ثابت، وإنما جماعة مداهنة منافقة. اهـ!