الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

دعوة وهابية لهدم القبة المحمدية

صفحة 455 - الجزء 1

  الترمذي لها في سند أبي الزبير معلة؛ لأن السند عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر والحديث واحد من دون الزيادة ... إلخ. اهـ المراد.

  وقول الشوكاني: «وكان من آخر قوله ÷: «لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»» اهـ كلامه.

  أقول: الحديث الذي ذكره الشوكاني من وضع الأموية؛ تنفيراً منهم للناس عن زيارة قبر رسول الله ÷، فهو حديث موضوع لا أصل له، لعدم تحققه في الواقع، إذ لم يعرف لأنبياء اليهود قبور اتخذها اليهود مساجد، ومن ادعى ذلك فعليه الدليل، ولو فرضنا جدلاً صحة الحديث فمعنى «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» أي جعلوا القبور مصلَّيات يُصَلَّى فوقهن.

  وإليك ما قاله أهل الشأن في هذا الحديث، قال الإمام المحدث عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري في كتابه «الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة» ص ٣٨ فما بعدها ما لفظه:

  هذا حديث ثابت في الصحيحين وغيرهما من طرق وقد عمل به كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين، ولم يتفطنوا لما فيه من العلل التي تقتضي ترك العمل به وذلك أن القرآن الكريم يعارض هذا الحديث من ثلاثة أوجه:

  أولاً: أخبر القرآن الكريم عن اليهود أنهم قالوا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}⁣[آل عمران: ١٨١] وقالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}⁣[المائدة: ٦٤] وقالوا أيضاً: (إن الله لما خلق السماوات والأرض استراح يوم السبت) ونسبوا إليه الندم، وغير ذلك من النقائص التي لا تليق بالله ولا تجوز في حقه، فكيف يتخذون قبور أنبيائه مساجد؟! هذا غير معقول.

  ثانياً: أن اليهود يؤذون الأنبياء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا}⁣[الأحزاب: ٦٩] وقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}⁣[الصف: ٥] هذا مع أن موسى نبيهم الأعظم، وصاحب شريعتهم، وآذوا داود # فزعموا أنه زنى بامرأة أوريا