الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(الحرية شرط في وجوب الزكاة)

صفحة 462 - الجزء 1

(الحرية شرط في وجوب الزكاة)

  قال الشوكاني: «قوله: واشترطنا الحرية ... إلخ، أقول: لا ريب أن هذا الاشتراط إنما يتم على قول من قال: إن العبد لا يَمْلِكُ، وهي مسألة قد تعارضت فيها الأدلة بما لا يتسع المقام لبسطه، وهذه شرطية حقيقية عند القائل بعد تَملُّك العبد؛ لأنه لا يجب على العبد أن يسعى في تحرير نفسه لتجب عليه الزكاة؛ لما تقرر أن تحصيل شرط الواجب ليجب لا يجب، ولا وجوب على العبد حال العبودية بخلاف الكافر فإن الوجوب ثابت عليه في حال كفره ولكنه لا تتم تأدية الواجب إلا بإزالة المانع وهو الكفر، وما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه، ومن هنا يتبين لك الفرق بين هاتين القاعدتين، فالأولى تستعمل قبل وجوب ذلك الواجب على الشخص، والثانية بعد وجوبه عليه مع مانع يمنعه عنه» اهـ كلامه.

  أقول: أرجعِ الطرفَ في كلام الشوكاني مرتين؛ لترى ما فيه من فُطورٍ وتنافُرٍ لفظي ومعنوي كأنه إقرار من يريد التخلص مما جَنَى.

  أولاً: قوله: «لا ريب أن هذا الاشتراط إنما يتم على قول من قال: إن العبد لا يملك» اهـ. وادّعى أن المسألة خلافية لا يتسع المقام لبسطها؛ وهي دعوى لا دليل عليها، بل الإجماع منعقد على أن المملوك لا يَمْلِكُ، وأنه وما بيده لسيده، فهو لا يَمْلك ولا يَرث ولا يَحْجُب ولا يُعَصِّب، وهو كأحد متاعٍ مملوكٍ.

  واقرأْ قوله تعالى: {هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ}⁣[الروم: ٢٨] فهو سبحانه وتعالى ضرب مثلاً لمن يعقل، كما أن المولى لا يملك كذلك الفرد منّا لا يملك فنحن وما بأيدينا لله تعالى كما أن المولى وما بيده لسيده.

  وكنت حفظت بيتين من الشعر في هذا المقام لأحد سلاطين آل عثمان أملاهما حال