(أبو خالد الواسطي)
  كذلك من لا ظل له في التاريخ، أما قادة الفكر وسراة الناس فيتجدد حاسدوهم ما بقي التاريخ، ويتجدد ذكر أبي خالد ما تجدد ذكر زيد:
  عليك بأرباب الصدور فمن غدا ... مضافاً لأرباب الصدور تصدرا
  فلابد من قالة تحدث في أبي خالد كما قيل: (وإن لم يعلموا كذبوا) ألا ترى أنه قد قيل في أتم الناس خلقاً، وأشجعهم قلباً، وأصدقهم لساناً، وأعدلهم حكماً: (إن به(١) دُعابة) فخذ وبق، والتاريخ خير شاهد، ومعيار كل شخص سيرته.
  ولا يخفاك ما كان عليه الجو السياسي على ملك بني أمية وبني العباس وما بذل فيه من جهد لدفن أي صالحة لآل بيت النبوة، وملاحقة شيعتهم، ومحو الرواية عنهم، حتى تعاطف معهم كثير من أرباب الحديث ووضعوا في علي # ما الله سائلهم عنه.
  ولو كان خالد مهزوز اليقين ركيك العقيدة لترك زيداً؛ لأنه ليس له مال يسنده، ولا منصب، وإنما سيخسر الدنيا أكثر؛ لأنها بيد عبيدها لا بيد زيد، ثم رماه المحدثون بدائهم وأنه يضع الحديث، ويشتري صحفاً من الوراقين وأنه كذاب ... إلخ.
  وليس له علة مانعة من قبول حديثه إلا أنه لم يتخذ من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة، وأنه لزم ابن رسول الله وروى عنه.
  وإليك تتميماً للفائدة ما في «الروض النضير» للعلامة المحقق المنصف شرف الإسلام الحسين بن أحمد السياغي ج ١ ص ٧٤ ولفظه: أبو خالد: عمرو بن خالد الواسطي القرشي مولى بني هاشم، عَلَم من أعلام رجال الزيدية، وكان منقطعاً إلى ولي الله الإمام زيد وراويته، روى عنه حديث المسند الحديثي والمسند الفقهي، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: متروك الحديث ليس بشيء، وقال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل: كذاب يروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة يكذب فيها، وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: كذاب غير ثقة ولا مأمون، قال إسحاق بن راهويه وأبو زرعة: كان يضع الحديث،
(١) القائل عمرو بن العاص والمقول فيه ذلك الإمام علي بن أبي طالب.