الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

كيفية استيفاء الزكاة وإخراجها إلى مستحقها

صفحة 539 - الجزء 1

  السكوتي الواقع من الناس بعد عصره ÷، وأعظم ما يستأنس به ما ورد في طاعة السلاطين وإن ظلموا، فإن دفعها إليهم من الطاعة لهم، وعن وائل بن حجر قال: سمعت رسول الله ÷ ورجل يسأله فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم قال: «اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم» أخرجه مسلم وغيره» اهـ كلامه.

  أقول: هذا البحث آخره أقبح من أوله، وباطنه أسوأ من ظاهره.

  أولاً قال: «إن الزكاة إلى النبي» اهـ. ثم قال في خلال تعليقه: «إذا طلبها وإلا فرب المال» اهـ!.

  ثم قال مستشهداً بقوله تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ}⁣[البقرة: ٢٧١]: «إن الولاية لرب المال» اهـ. وسلخ ما كان قد قدمه مصرحاً بلفظ الولاية.

  وعند ذكر النبي قال: «الزكاة للنبي» اهـ! ثم شكّك في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} وأنها نزلت في الزكاة الواجبة، وأنها هي المقتضية للإيجاب، مع أن فيها نص الأمر، ومنها اقتبس الرسول ÷ الأمر فقال: «أمرت أن آخذها ....»، وبين {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} و «أمرت أن آخذها ...» تمام المناسبة، ثم أيّ آية فرضت بعدها فرائض الزكاة، وكان يدعى فيها للمزكي وإرسال العمال في الآفاق؟ هل من آية سواها؟!

  ثم يأتي على قوله تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} فيجعلها شاملة للواجب والمندوب! ويقول: «إن من يأبى ذلك لأنه من قصر العموم على سببه» اهـ.

  أي فائدة لمشاركتها والواجب له آية مخصوصة، وأحكام للنفقة المندوبة مخالفة؟! على أن المشهور من آداب الإسلام وسننه: أن الواجب يستحب فيه الظهور ويفضل على إخفائه كصلاة الجماعة على صلاة البيت، والنافلة يستحب فيها الإخفاء في الدعاء {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا}⁣[مريم: ٣]، وفي الصوم النافلة بحيث لا يعلمه إلا الله، وفي الصدقة النافلة، وفي قيام الليل لا يراه إلا الله، وفي الذكر كذلك، وقد قرنت آية البقرة بقوله تعالى: