الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

كيفية استيفاء الزكاة وإخراجها إلى مستحقها

صفحة 540 - الجزء 1

  {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا}⁣[البقرة: ٢٧١] وجَعَلَ إخفاءها أفضل كدليل على إرادة النافلة، فهو من قصر الحكم على علته لا على سببه.

  وإليك ما نقلته من بعض كتب أهل العلم في هذا الشأن:

  في «الكشاف» ج ١ ص ٣١٦ ما لفظه: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} أي نعم شيئاً إخفاؤها {وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء} وتصيبوا في مصارفها مع الإخفاء {فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} فالإخفاء خير لكم، والمراد الصدقات: المتطوع بها فإن الأفضل في الفرائض أن يجاهر بها، وعن ابن عباس: (صدقة السر تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً)، وإنما كانت المجاهرة بالفرائض أفضل، لنفي التهمة. اهـ المراد.

  وفي «تفسير البيضاوي» ما لفظه: {وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء} أي تعطوها الفقراء مع الإخفاء {فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} فالإخفاء خير لكم، وهذا في التطوع ولمن لم يُعْرَف بالمال⁣(⁣١). اهـ المراد.

  وفي «أسباب النزول» لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري في كلام طويل جاء فيه بقصة ثعلبة بن حاطب وإلحاحه على رسول الله ÷ أن يدعوا له بكثرة المال وعدم قبوله لنصيحة رسول الله ثم دعا له فأثرى حتى خرج بغنمه من المدينة، ثم أنزل الله تعالى آية فرض الزكاة، وأرسل إليه عامل الزكاة ومعه كتاب رسول الله فأطلعه على الكتاب، وطلب إمهاله، وأن يرجع إليه مرة أخرى، فمضوا على آخرين واستلموا منهم، ثم رجعوا إليه، واستحكم النفاق في قلبه حتى قال: (إن هي إلا جزية، إن هي إلا أخت الجزية) ومنع من تسليم ما فرضه الله في غنمه وأنزل الله فيه {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ ...} الآية [التوبة: ٧٥]، وبعد نزول الآية جاء إلى رسول الله ÷ بزكاته، فقال عليه وآله الصلاة والسلام: «إني قد منعت من أخذها» ثم جاء بها إلى أبي بكر ثم إلى عمر،


(١) أي لمن لم يشتهر بالغنى واليسار عند الناس لأنه إذا لم يظهرها سيُتّهم بعدم الزكاة. تمت شيخنا.