وقفة مع الجلال
  ومن السنة قد ورد ما دل على تحريم كشف العورة لغير حاجة ولو كان خالياً، لعموم أدلة ستر العورة، ولقوله ÷: «الله أحق أن يستحيا منه»، وإن مع الإنسان مَنْ لا يفارقه، وإذا قد قضى الشخص حاجته فما الداعي لاستمراره في كشف عورته؟!، وما هو دليل الجواز؟! لأنه لا يباح من المحظور إلا بقدر ما تقتضيه الحاجة، وهذا هو الذي يصح عليه التعويل، ودع عنك التهويل.
وقفة مع الجلال
  الذي يظهر من خلال النظر إلى «ضوء النهار» وما سبقه من كتب للجلال أنه كان حسّاساً وله طموح في مؤلفاته أن تربوَ على ما ظفرت به كتبه من القبول، فهو في عصره يرى أن كتبه التي سبقت «ضوء النهار» تفيّأ ظلها قبل أن يُنتفع بها، ولم تكن ذات حظوة في المجتمع المحيط بها، فأحدثَ ركودُها فيه خيبة أمل؛ إذ أصبحت أثرية وهي بثوب الولادة أو ريعان الشباب، وفي نفس الوقت يرى ما لأئمة الزيدية الهداة من زعامة روحية، وما لكتبهم من نَفَاق ونفوذ، فالعمل والفتوى والحكم إنما هو بها لا سيما مثل كتب الإمام الكبير أحمد بن يحيى المرتضى، كيف إقبال الناس عليها والتفافهم حولها واحتضانها في خزائنهم وفي قلوبهم، أقلامهم بها جارية، وألسنتهم عن مؤلف مناوئهم عارية، حتى لترى بعض علماء الزيدية الذين ألفوا مبادئ العلم، لها قبول عندهم، فهي لاحقة بمؤلفات خدمة المذهب الشريف، وكان يقابل رأي غيرهم بالتفنيد وينظر إليه كشيء خارج عن ميزان الاعتدال، حتى عند أسرة المؤلف - أي الجلال - نفسه مَنْ سبقه ومن في عصره ومن معه: كلهم نابذون رأي الجلال جملة وتفصيلاً، متمسكون بالمذهب الشريف عملاً وحكماً وتدريساً وفتوى، وقد شمل الركود كتب الجلال حتى كتب الأصول والعربية وغيرها؛ لشذوذه في كل ذلك، وميله إلى تأييد رأيه الشاذ هذه كلها أحدثت عقدة في نفسه حملته أن يضع «ضوء النهار» فيهاجم بلا أدب، ويقول لأسلافه الطاهرين والأئمة الهادين: «هذا من الإيمان ببعض والكفر ببعض»! «وهذا من الهوى ... إلخ».