الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

استحباب صوم يوم الشك

صفحة 11 - الجزء 2

  ثم قال: «أما استدلاله بحديث أم سلمة (أنه ÷ كان يصومه) - أي يوم الشك - فقد نسبه المصنف إلى ابن أبي شيبة ومعي وقفة في صحة رفعه إلى النبي ÷ فمن وجد (مسند ابن أبي شيبة) فليراجعه، وما زال الخلاف في هذه المسألة من عصر الصحابة إلى الآن، ولم يحتج أحد منهم بأن النبي ÷ كان يصومه سوى المصنف! وقد عزا ذلك إلى ابن أبي شيبة، نعم يمكن أن يكون ذلك موقوفاً عليها - أم سلمة - أنها صامت يوم الشك كما عند البيهقي، وأما ما احتج به من العمومات الدالة على مشروعية مطلق الصوم واستحبابه فنحن نقول بموجبها وبأحاديث نهيه ÷ عن تقدم رمضان بيوم أو يومين بل ورد النهي عن صوم النصف الأخير من شعبان» اهـ كلامه.

  أقول: قد قدح الشوكاني في حديث أم سلمة ^ بعد أن شكك في وقوعه بقدح لا يصدر ممن له أدنى معرفة بعلم الحديث حيث قال: «إنه موقوف عليها». اهـ، وإنما يكون موقوفاً على الصحابي الأثر المروي، لاحتمال أن يكون من قوله أو من قول رسول الله ÷ كحديث عمار (فقد عصى أبا القاسم) - مع ضعفه - الاحتمال موجود، لكن حينما تقول أم سلمة: (كان رسول الله يصومه) كيف يكون موقوفاً عليها وهي تُسْنِدُ الفعل إلى رسول الله ÷ وحاكية لفعله؟! زلّة قلم لا تغتفر، صَدَق الذي قال:

  جراحات السنان لها التيام ... ولا يلتام ما جرح اللسان

  والقلم هو أحد اللسانين، وجرحه أكثر بقاء وأسوأ أثراً.

  وفي (مجمع الزوائد) ج ١ ص ٤٢٢ الحديث رقم (٢٩٩٥).

  وللستة قالت - يعني عائشة -: (كان رسول الله ÷ يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان)، (٢٩٩٦) - وفي رواية «بعد شعبان»: كان يصوم شعبان إلا قليلاً، (٢٩٩٧) - (كان أحب الشهور إلى رسول الله ÷ أن يصوم شعبان ثم يصله برمضان)، (٢٩٩٨) - وفي أخرى: (كان يصومه كله) اهـ المراد.

  ولعل أم سلمة ^ حين رأته يصل شعبان برمضان أخبرت عنه بصيام