الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب الكفارة على من لم يطق الصوم

صفحة 50 - الجزء 2

  نفس المنوال ينقل أقوالًا لآحاد من العلماء مُفَضِّلًا لها على قول علماء السلف! هيهات لقد فَضَّل التراب على التِّبْر!

  وكيف يُرَدُّ قول السلف والمسألة أثرية لا نظرية، ولا مجال فيها للاجتهاد، بل يتوقف مثل ذلك على علم علموه من رسول الله، وأثر أثروه عنه، وهم أتقى لله، وأخشى، وأرعى لحق رسول الله ممن ينبذ قولهم ويتهمهم، وهم حملة الشريعة إلى من بعدهم، فإذا نزعت الثقة من أقوالهم فعلى من نعتمد؟! لا سيما في عصر لم يوجد فيه الشوكاني؟! نعم: وفي (أحكام القرآن)، للإمام الشافعي ص ١٠٨ ما لفظه: قال الله تبارك وتعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}⁣[البقرة: ١٨٤]، قال: كانوا يطيقونه ثم عجزوا فعليهم في كل يوم إطعام مسكين. اهـ المراد.

  وفي (المغني)، لابن قدامة ج ٤ ص ١٤٢ ما لفظه: مسألة: ومن عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يُرْجَى بُرؤُه أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا، الشيخ الكبير والعجوز إذا كان الصوم يجهدهما ويشق عليهم مشقة شديدة عليهما أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكينًا. وهذا قول علي، وابن عباس، وأبي هريرة، وأنس، وبه قال سعيد بن جبير، وطاوُس، وأبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي. وقال مالك: لا تجب فدية. اهـ. ثم أورد ابن قدامة الدليل؛ دعمًا لوجوبها - أي الفدية. اهـ المراد.

  وفي (الأحاديث المختارة) للضياء المقدسي ج ٥ ص ٨٦ ما لفظه: وروى البخاري من رواية عمرو بن دينار عن عطاء، سمع ابنَ عباس يقرأ: (وعلى الذين يُطَوَّقونهُ فديةٌ طعامُ مسكينٍ) قال ابنُ عباس: ليست بمنسوخة هو للشيخ الكبير والمأرة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً⁣(⁣١) اهـ المراد.

  ومن ابن الهمام (شرح هداية الحنفية) ج ٢ ص ٢٧٧ بعد ذكره خلاف مالك في عدم وجوب الفدية قال ما لفظه: ولنا: - يعني دليلنا على وجوبها - ما روى عطاء أنه سمع ابن عباس ® يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}⁣[البقرة: ١٨٤]، قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما


(١) صحيح البخاري برقم (٤٥٠٥)