(جواز الإفطار لمن كان متطوعا لا قاضيا)
  فقلت: لا، قال: «فلا يضرك» اهـ.
  وفي ص ٢٧٧ من المصدر السابق نفسه: وفي رواية: فشربت منه، وقلت: يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة؟ فقال لها: «أكنت تقضين شيئًا»؟ قالت: لا، قال: «فلا يضرك إن كان تطوعًا» اهـ المراد.
  وفي (مشكاة المصابيح) للخطيب التبريزي ج ١ ص ٦٤٢ ما لفظه: عن أم هانئ ^ قالت: لما كان يوم الفتح - فتح مكة - جاءت فاطمةُ فجلست على يسار رسول الله ÷، وأمُّ هانئ عن يمينه، فجاءت الوليدةُ بإناء فيه شراب، فناولتُه، فشرب منه، ثم ناوله أمَّ هانئ فشربت منه، فقالت: يا رسول الله لقد أفطرتُ وكنتُ صائمة؟ فقال لها: «أكنت تقضين شيئًا»؟ قالت: لا، قال: «فلا يضركِ إن كان تطوُّعًا(١)». رواه أبو داود، والترمذي، والدارمي، وفي رواية لأحمد، والترمذي نحوه، وفيه: قالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة، فقال: «الصائم المتطوِّعُ أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر». اهـ المراد.
  نعم: ما ترى هنا؟ هل المشرِّع الصادق المصدوق يقول: «فلا يضرك إن كان تطوعًا»؟! وما يفهم منه؟! الآن الخلاف بين النبي وعلماء الأمة من جهة، وبين الشوكاني من جهة أخرى! يبيح لهم ما حرَّم الله ورسوله، ويشجع على انتهاك محارمه، وعلى اللعب بشريعته. ثم من جهة (علم الأصول): اعلم أن (المتطوع) صفة مشتقة يقابلها (المفترض)، وكل واحد منهما يصح أن يكون علة للحكم، فتقول: (هذا جاز له ... ؛ لأنه متطوع، وهذا لم يجز له؛ لأنه مفترض).
  والوصف المناسب: ما لو عرض على العقول، لمُنِح منها بالقبول، وتعليقُ الحكم بالوصف قيدٌ له، يحصل عند حصوله، ويتخلف عند تخلفه، كما تقول: الفاسق لا تقبل شهادته؛ فالفاسق: اسم فاعل من صفة مشتقة، يعني مُنِعَ قبولُ شهادته؛ لفسقه، أي لأنه فاسق. وأجمع العلماء على الزكاة في الأنعام السائمة؛ لقوله ÷: (في السائمة زكاة)؛ لأجل
(١) رواه أصحاب السنن، وقال الحاكم عنه: صحيح، وأقره الذهبي.