لا اعتكاف إلا بصيام
لا اعتكاف إلا بصيام
  قال الشوكاني: «قوله: وقلنا: على وجه مخصوص، وهو أن يكون المعتكف صائماً ... إلخ. أقول: اعلم أن كون الشيء شرطًا لشيء آخر أو ركنًا له أو فرضًا من فروضه لا يثبت إلا بدليل؛ لأنه حكم شرعي أو وضعي، ولم يأت ما يدل على أن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم، بل ثبت الترغيب منه ÷ في الاعتكاف، ولم ينقل إلينا أنه اعتبر ذلك - الصوم -، ولو كان معتبرًا لبينه للأمة .... إلخ» اهـ كلامه.
  أقول: المسألة للعلماء فيها أنظار وخلاف، ولكل حجته واستنباطه من غير دعوى من أحد أنه هو الموفق للصواب والمعصوم عن الخطأ، وقد بالغ الفقيه في محاولة فصل الاعتكاف عن الصوم حتى كأنه بدعة! وسأورد من الأحاديث والآثار، وأقوال الأعلام ما تتجلى به الغمرة، وتنكشف به الحيرة.
  ففي (البحر) ج ٢ ص ٢٦٧ ما لفظه: مسألة: العترة جميعًا، وابن عباس، وابن عمر، ومالك، والأوزاعي، والفقيه يوسف، وأبو حنيفة: والصوم شرط فيه؛ لقوله ÷: «لا اعتكاف إلا بصوم»، ولو لم يكن شرطًا فيه لما وجب في نذره: كالصلاة.
  ابن مسعود، ثم البصري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: لا؛ لقوله ÷: «ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه» قلت: أراد أن الصوم لا يجب بنية الاعتكاف إلا حيث يجب الاعتكاف؛ جمعًا بين الأدلة، قالوا: قال لعمر: «أوف بنذرك»، وقد نذر اعتكاف ليلة، قلنا: بيومها؛ بدليل أن إحدى الروايتين: «أنه نذر اعتكاف يوم» اهـ المراد. ويؤيد استنباط صاحب «البحر» من أن المراد اليوم والليلة ما ورد في القرآن في قصة زكريا #؛ ففي آية آل عمران: {ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا}، وفي آية مريم: {ثَلاَثَ لَيَالٍ}. قال العلماء: أراد الليالي بأيامها.