لا اعتكاف إلا بصيام
  الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكفهن أزواجُه من بعده، وأن السنة للمعتكف ألا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا يتبع جنازة، ولا يعود مريضًا، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع، ويأمر من اعتكف أن يصوم. يقال: إن قوله: وأن السنة للمعتكف ... إلخ ليس من قول النبي ÷، وأنه من كلام الزهري، ومن أدرجه في الحديث فقد وهم، والله أعلم. اهـ المراد.
  فانظر إلى عبارة الدارقطني: (يقال ....)، وانظر إلى كلمة الشوكاني!. ثم أورد الدارقطني الحديث السابق مرة أخرى من طريق أخرى، وفي آخره: (وسنة من اعتكف أن يصوم). اهـ المراد.
  وفي (السنن الكبرى) للبيهقي ج ٤ ص ٣١٥ (باب الاعتكاف في المسجد): بعد الباب أورد حديث عائشة الذي نقلناه عن الدارقطني، والذي زعم الشوكاني أن البيهقي أيد الدارقطني في عدم صحة ما روي عن عائشة، إلا قولها: (ألا يخرج ...)، وفي آخره: (والسنة فيمن اعتكف أن يصوم) اهـ المراد. ولم يعلق البيهقي على الحديث بشيء مما زعمه الشوكاني.
  ثم قال: «ومما يؤيد هذا حديث: «من اعتكف فواق ناقة»، وكذلك حديث: «ليس على المعتكف صيام»» اهـ كلامه.
  أقول: غرض الفقيه بإيراد هذا الحديث - حديث: «... فواق ناقة» - يدحض شرطية الصوم للاعتكاف؛ لأن فواق الناقة(١) ساعة أو ساعتان، والصوم يوم كامل.
  ولا يتم له هذا التلبيس إلا إذا كان يشترط في الشرط(٢) ألا يكون أطول وقتًا من المشروط(٣). وأنى له هذا؟!
  فالقواعد الأصولية لا تشترط في الشرط إلا أن يصاحب المشروط إلى آخر جزء منه، لا أن يكون مثله: كالوضوء يصحب الصلاة من الإحرام إلى السلام، ويبقى الشرط -
(١) الفواق والفُوق: ما بين الحلبتين.
(٢). أي الصوم تمت شيخنا.
(٣) الاعتكاف.