المنع من فسخ الحج إلى العمرة
المنع من فسخ الحج إلى العمرة
  قال الإمام #: واختلفوا فيما روي عن النبي ÷ أنه أهل هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي إلا النبي ÷ وأبا طلحة، وأمر النبي أصحابه أن يجعلوها عمرة. احتج المخالف بذلك على أن للحاج أن يفسخ حجه ويجعله عمرة، وعندنا أن هذا كان خاصاً للنبي ÷ لما روى بلال بن الحارث، قال: قلت: يا رسول الله الفسخ لنا خاصة أو لمن بعدنا؟ قال: «بل لنا خاصة» ... يزيده وضوحا خبر أبي ذر، وهو أنه قال: (لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله)، وإنما فسخ ذلك إلى العمرة؛ لأن الجاهلية كانت تنكر الاعتمار في أشهر الحج، وكانت تقول: (هي من أفجر الفجور) ... إلخ. اهـ كلام الإمام.
  قال الشوكاني: «احتج المصنف على المنع من فسخ الحج إلى العمرة بحُجتين: الأولى: حديث بلال بن الحارث، والثانية: قول أبي ذر الذي ذكره ...» اهـ كلامه.
  أقول: لا ريب أن العمرة داخلة في الحج إلى يوم القيامة، وإن اختلف العلماء في حكمها؛ فالاتفاق حاصل على مشروعيتها مفردة أو مع الحج، وإنما الذي أراده الإمام هو فسخ الحج إلى العمرة. ولا شك في وقوعه حينما حج رسول الله ÷ إذ أمر النبي ÷ من لم يسق هدياً أن يطوف بالبيت ثم يجعلها عمرة، أما هو ÷ وكل من ساق هديًا فبقوا على إحرامهم حتى نحروا، واتفقت الروايات على أن إلزامه ÷ لأصحابه بالفسخ أمر عارض؛ ففي حديث جابر - السابق زبره - أن رسول الله ÷ ومن معه خرجوا لا يريدون إلا الحج لا غير. ثم إن رسول الله ÷ أراد أن يطمس سنة جاهلية وهو ما روي في البخاري ومسلم عن طاوس، عن ابن عباس: كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفرًا، ويقولون: (إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، فقد حلت العمرة لمن اعتمر)، فقدم النبي ÷ صبيحة رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله أي