تحريم استمرار التطيب إلى ما بعد الإحرام
  يحرم، وفي رواية: فيطوف بالنساء. ومعلوم أنه سيغتسل بعد طوافه بهن.
  وفي (أصول الأحكام) ج ١ ص ٣٨٦ أورد خبر يعلى بن أمية، ثم قال ما لفظه: دل هذا الخبر على أنه لا يجوز للمحرم أن يتطيب للإحرام قبله، وهو قول مالك، ومحمد. وذهب أبو حنيفة، والشافعي إلى أنه جائز، واستدلوا بما روي عن عائشة أنها قالت: طَيَّبْتُ رسول الله ÷ بالغالية(١). وروي: طَيَّبْتُهُ لإحرامه. والخبر عندنا محمول على أنها طيبته قبل إحرامه، ثم غسل الطيب لإحرامه؛ يؤيد ذلك ما روي عن إبراهيم بن المنتصر، عن أبيه، قال: سألت ابن عمر عن الطيب عند الإحرام؟ فقال: ما أحب أن أصبح محرما ينضح مني ريح المسك، فأرسل ابن عمر بعض بنيه إلى عائشة ليسمع ما قالته، فقال: قالت عائشة: أنا طَيَّبْتُ رسول الله ÷ ثم طاف بنسائه فأصبح محرما(٢)؛ دل هذا الخبر على أنه اغتسل بعد ذلك؛ لأنه لا يجوز أن يطوف بنسائه ويصبح محرما من غير أن يغتسل، ويحتمل أيضًا أن تكون طَيَّبَتْهُ وهو لا يعلم ... إلخ. اهـ المراد.
  وفي (الاعتصام) ج ٣ ص ٣٤ قال الإمام القاسم بن محمد #: والعمل بما سيأتي أرجح من العمل بحديث عائشة. ويرجحه ما أخرجه ابن ماجة في سننه، أن رجلاً قال لرسول الله: من الحاج؟ قال: «الشَّعِثُ(٣) التَّفِلُ(٤)»، ولما أخرجه البخاري أن يعلى بن أمية قال لعمر: أرني النبي حين يوحى إليه، قال: فبينما النبي ÷ بالجعرانة ومعه نفر من أصحابه جاءه رجل، فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب، فسكت النبي ساعة، فجاءه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى فجاء يعلى وعلى رسول الله ثوب قد أظل، فأدخل رأسه، فإذا رسول الله محمر الوجه وهو يغط ثم سرّي عنه، فقال: أين الذي سأل عن العمرة؟ فأتي برجل فقال: «اغسل الطيب الذي لك ثلاث مرات،
(١) الغالية: الطيب.
(٢) التجريد، ومعاني الآثار.
(٣) الشَّعِثُ: المغبَّرُ الراس من عدم الغسل، المفرَّقُ الشعر من عدم المشط (تارك الزينة).
(٤) التفل: هو تارك الطِّيب.