تحريم استمرار التطيب إلى ما بعد الإحرام
  وأزل عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك»، قلت لعطاء: أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: نعم.
  وقال في (التوشيح): ادعى المالكية أن استدامة الطيب بعد الإحرام من خصائصه ÷؛ لأنه من دواعي النكاح فنهى الناسَ عنه، وكان هو أملكَ الناس لإربه؛ ولأنه حبب إليه فرخص له فيه، ولمباشرته الملائكة لأجل الوحي. اهـ المراد.
  وفي (الأحاديث المختارة) للضياء المقدسي ج ٦ مسند ابن عباس ما لفظه: وبه أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا العباس بن الفضل، حدثنا عبدالرحمن بن المبارك، حدثنا عبدالعزيز بن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس - أن النبي ÷ تطيب قبل أن يحرم. اهـ، وروى أيضاً بإسناده إلى ابن عباس أن النبي ÷ كان يصيب من الطيب قبل أن يُحْرِم. اهـ المراد.
  وختامًا للمقام: إليك ما نقله ابن رشد القرطبي في (بداية المجتهد) ج ١ ص ٢٤١ ولفظه: وأما الشيء الثاني من المتروكات(١) فهو الطيب؛ وذلك أن العلماء أجمعوا على أن الطيب كله محرم على المحرم بالحج أو العمرة في حال إحرامه. واختلفوا في جوازه للمحرم عند الإحرام وقبل أن يحرم بما يبقى أثره عليه بعد الإحرام، فكرهه قوم، وأجازه آخرون، وممن كرهه مالك، ورواه عن عمر بن الخطاب، وعثمان، وابن عمر، وجماعة من التابعين، وممن أجازه أبو حنيفة، والشافعي، والثوري، وأحمد، وداود، والحجة لمالك من جهة الأثر: حديث صفوان بن يعلى بن أمية في الصحيحين، وفيه: أن رجلًا جاء إلى رسول الله ÷ بجبة مضمخة بطيب، فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبته بعد ما تضمخ بالطيب، فأنزل الوحي على رسول الله، فلما أفاق قال: «أين السائل عن العمرة آنفًا»؟ فالتُمِسَ الرجلُ، فأُتِيَ به، فقال ÷: «أما الطيب الذي بك فاغسله عنك ثلاث مرات، وأما الجبة فانزِعْها ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك»، وحجة القول الثاني
(١) أي من الذي يجب على المحرم تركُه. اهـ من شيخنا.