الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وقت طواف الزيارة

صفحة 159 - الجزء 2

وقت طواف الزيارة

  قال الإمام #: ووقت طواف الزيارة ممتد من أول الرمي، وهو يوم العيد إلى آخر أيام التشريق، وهو أربعة أيام عند أئمتنا $؛ وذلك لأنه - أي طواف الزيارة - عبادة مؤقتة، فوجب أن يكون وقتها أربعة أيام كالرمي؛ ولأن اليوم الرابع من أيام منى. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: فوجب أن يكون وقتها أربعة أيام كالرمي ... إلخ. أقول: هذا قياس بمكان من السقوط لا ينبغي التعويل عليه. أما أولا: فلأن المواقيت لا تثبت بالقياس. وأما ثانيا: فليس الموقت من أعمال الحج هو الرمي فقط حتى يكون الإلحاق به دون غيره. وأما ثالثا: فالرمي لا يصح في وقت واحد، بخلاف طواف الزيارة؛ والحاصل أن مثل هذا الكلام ليس هو من علم الشرع! في ورد ولا صدر، كما أنه ليس من علم العقل! في قبيل ولا دبير، والمغرور من اغتر بمثله، وتقيد به مع تمكنه من النظر والكشف. وأما المقلد الأعمى فهو يظن أنه في أم الكتاب. ومن الغرائب ما علل به ثانيًا من قوله: ولأن اليوم الرابع من أيام منى، فهذا ليس من جنس كلام العقلاء فضلا عن الفضلاء، وقد طاف النبي طواف الزيارة يوم النحر كما ثبت عنه ذلك في الصحيحين، وغيرهما؛ فهذا وقته الذي لم يتعبدنا الله بغيره» اهـ كلامه.

  أقول: الله يعلم أن هذه الحملة الشنعاء على ما لا يجوز ولا ينبغي إلى مَنْ أحسنوا إليه. ذكَّرني حادثة وقعت للمغيرة بن شعبة، وكان أميرًا على الكوفة من قبل عثمان، فشكا إليه أهلُ الكوفة أن آذِنَه يأذن لأصحابه قبل أن يأذن لأصحاب المغيرة ويقدمهم⁣(⁣١) عليهم⁣(⁣٢). فقال المغيرة: إن المعروف لَيَقْطَعُ في الكلب العقور والجمل الصَّؤُول فكيف لا يقطع في


(١) أي يُقَدِّم الآذِن أصحابه.

(٢) أي على أصحاب المغيرة.