على القارن طوافان وسعيان
على القارن طوافان وسعيان
  قال الشوكاني: «قوله: ومنها: أن القارن إذا قدم مكة طاف طوافين، وسعى سعيين ... إلخ. أقول: الأدلة القاضية بأن الواجب على القارن ليس إلا طواف واحد (كذا)(١) وسعي واحد (كذا) ثابتة قولًا وفعلًا ... إلخ، واستدل القائلون بأن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين بما ذكره المصنف من فعل علي ¥، وقوله: رأيت رسول الله يفعل هكذا. أخرجه عبدالرزاق، والدارقطني، وغيرهما. وقد روي نحوه عن ابن مسعود، وابن عمر بأسانيد في بعضها متروك، وفي البعض الآخر ضعيف، حتى قال ابن حزم: لا يصح عن النبي ولا أحد من أصحابه في ذلك شيء، وتعقب بأن حديث علي، وابن مسعود لا بأس بإسنادهما، ولهذا رجح البيهقي وغيره المصير إلى الجمع أنه طاف طواف القدوم، وطواف الإفاضة. قال: وأما السعي فلم يثبت فيه شيء. وقد حكى الحافظ في (الفتح) أنه روى جعفر الصادق، عن أبيه أنه كان يحفظ عن علي: للقارن طواف واحد، خلاف ما يقوله أهل العراق، ولا يشك عالم بالحديث أن أدلة الطواف الواحد والسعي الواحد أرجح» اهـ كلامه.
  أقول: المسألة خلافية، وفيها قولان للعلماء، وعسى أن ترى ما رجحه الفقيه مرجوحًا، وقد بذل قصاراه في دفع ما رجحه الإمام، وما احتج به من أن القارن يطوف طوافين، ويسعى سعيين، واستظهر برأي البيهقي في تضعيف ما رُوي عن علي #، وترجيح تأويل الشافعي: أن المراد بالطوافين عند من رواهما: طواف القدوم، وطواف الزيارة، وهو تلفيق بعيد عن الإصابة والتوفيق. واستظهر أيضًا بقول لابن حزم الظاهري، لم يعز مَأخذَه، ولا أفصح عن مكانه، أنه لم يثبت طوافان عن أحد من الصحابة.
  نعم: القول بأن على القارن طوافين وسعيين هو ما ذهبت إليه العترة المطهرة، ومعهم من أعلام العلماء جابر بن زيد، وعبدالرحمن الأسود، والثوري، والحسن بن
(١) قال شيخنا: الصواب: ليس إلا طوافاً واحداً وسعياً واحداً تمت.