الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

على القارن طوافان وسعيان

صفحة 175 - الجزء 2

  أقول: إليك ما قاله العلامة المحدث مهدي حسن الكيلاني في حاشيته على كتاب (الحجة) ج ٢ ص ٢٩، ٣٠ ولفظه: وإلى الآن لم يتعين معنى قوله ÷: «طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك» وقول عائشة وغيرها: (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً ...) فدارت الأنظار في أمثال ذلك في حجة الوداع وكلٌّ مشّاها على ما في ذهنه، وبنى على مذهبه، وقد تركوا عمل الصحابة بأسره بل لم ينظروا إليه، استخبار واستطلاع: كم من طواف طاف النبي ÷ بالبيت في حجة الوداع إذا دخل مكة؟ ولا يذهب عنك أنه ÷ كان قارناً، وعليه الجمهور، بل كاد أن يجمعوا عليه، قالت عائشة على ما في (البخاري) ص ٢١٩: إن أول شيء بدأ به حين قدم النبي ÷ أنه توضأ ثم طاف ... الحديثَ، وعن عبدالله بن عمر أنه ÷ كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب ثلاثة أطواف ويمشي أربعة، وأنه كان يسعى بطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة اهـ وهذا الطواف متفق عليه، واختلفوا في كونه طوافاً واحداً وطوافين، والثاني: طواف الإفاضة والركن وهو المسمى بالزيارة فعن ابن عمر كما في (مسلم): أن رسول الله افاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى، قال نافع: وكان ابن عمر يفيض يوم النحر ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى، ويذكر أن النبي ÷ فعله، ومثله عن جابر وعائشة وابن عباس وغيرهم، والثالث: طواف الوداع عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله في ليالي الحج، وذكرت الحديث، وقالت: فقضى الله العمرة وفرغنا من طوافنا من جوف الليل فأتيناه بالمحصب فقال: «فرغتن»؟ قلنا: نعم، فأذن في الناس بالرحيل فمر بالبيت فطاف به ثم ارتحل متوجهاً إلى المدينة، أخرجه البخاري ومسلم، وفيه أحاديث أُخَر قولية وفعلية عن غير عائشة في كتب الحديث، فهذه الأطوفة الثلاثة متفق عليها بين الأئمة، وهذه غير ما طاف بالبيت في ليالي منى من النفل، فما معنى قول عائشة: (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً) البخاري؟! وقد جمع ÷ بين الحج والعمرة وساق الهدي وطاف ثلاثة أطوفة في حجة الوداع، وكان في الصحابة المفردون والمتمتعون والقارنون كما في حديث جابر وعائشة وأنس وابن عمر وغيرهم، والمفرد طاف طواف القدوم ثم طواف الزيارة ثم طواف الوداع وكذا المتمتع طاف حين قدم طواف العمرة ثم حل ثم أحرم بالحج ثم طاف طواف الإفاضة ثم طواف الوداع، وكذا القارن فعل ذلك