الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

لا يجزئ مسح القدمين

صفحة 75 - الجزء 1

  الجوار وأنه ليس للعطف على مدخول الباء في مسح الرأس بل هو معطوف على الوجوه فلما جاور المجرور انجر، وتعسف القائلون بالمسح فحملوا قراءة النصب على العطف على محل الجار والمجرور في قوله: {بِرُؤُوسِكُمْ} كما أن قراءة الجر عطف على لفظ المجرور وكل ذلك ناشئ عن عدم الإنصاف عند عروض الاختلاف» ا هـ كلامه.

  أقول: أولاً: قول الشوكاني: «إن القراءتين بالنصب والجر قد دلت على جواز الغسل والمسح» غلط بإجماع كل من خاض في الآية، لأنه لو كان الأمر على الجواز لا غير، ولا وجوب، لصحّ تركهما، فقد انفرد الشوكاني بخرق الإجماع حيث حمل الأمرين على الجواز.

  ثم شكا من عدم الإنصاف وإليك نغمته في (شرح المنتقى) حيث قال: وأما الموجبون للمسح - وهم الإمامية - فلم يأتوا مع مخالفتهم الكتاب والسنة المتواترة قولاً وفعلاً بحجة نيّرة، وجعلوا قراءة النصب عطفاً على محل قوله: {بِرُؤُوسِكُمْ} ومنهم من يجعل الباء الداخلة على الرؤوس زائدة وما أدري بماذا يجيبون عن الأحاديث المتواترة. ا هـ كلامه من نيل الأوطار ج ١ صـ ٦٦٩.

  وأنت الآن كيف تجيب عن الكتاب والسنة المتواترة قولاً وفعلاً؟!

  وأين الإنصاف منك مع هذه اللهجة؟!

  وكيف أصبحت تذب عن مذهبهم؟! لا قوة إلا بالله!

  ما هذا التذبذب وعدم القول في المسألة عن عقيدة، وقلم راسخ. وإليك ما جرى به قلم العلامة الزمخشري: لقد ذكر العلامة نكتة لطيفة لهذا العطف يعني: لعطف الأرجل على المجرور⁣(⁣١) فقال في «الكشاف» ج ٢ سورة المائدة ما لفظه: فإن قلتَ: ما تصنع بقراءة الجر؟ قلتُ: الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة⁣(⁣٢) للإسراف المذموم المنهي عنه فعُطِفت على الثالث الممسوح⁣(⁣٣) لا


(١) هو الرأس

(٢) مظنة: أي محلاً، فالرجلان محل لجميع الأوساخ والأتربة، فكان غسلهما محتاجاً لكثير من الماء، فهما محل للإسراف بالماء.

(٣) العضو الثالث الممسوح هو الرأس.