الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

من جامع قبل الوقوف فسد حجه

صفحة 191 - الجزء 2

  الحج من قابل؛ واختلفوا إذا جامع بعد ذلك: فذهب أبو حنيفة إلى أن حجه قد تم، وعليه بدنة. وعند يحيى # أنه إذا جامع قبل أن يرمي جمرة العقبة بطل حجه، وهو مذهب الشافعي؛ والأصل في ذلك: أن الصحابة الذين أفتوا بفساد حجه وإيجاب الحج عليه من قابل لم يفصلوا بين أن يكون ذلك قبل الوقوف أو بعده، فوجب أن يستوي الحكم فيه، كما يستوي لو كان ذلك قبل طواف القدوم والسعي أو بعدها.

  ومما يعتمد في هذا الباب ما أجمعنا عليه من أنه لو جامع قبل الوقوف بطل حجه، فكذلك إذا جامع قبل الرمي، والمعنى أن جِمَاعَهُ صادَفَ إحرامًا مطلقًا، ولا خلاف أن قتل الصيد والتطيب واللبس لمَّا منع منه وجب أن يستوي حكم فعلهما قبل الوقوف وبعده إلى أن يرمي؛ فوجب أن يكون الجماع كذلك، أو بعلة أنه محظور بالإحرام. اهـ المراد من (شرح التجريد).

  و في (السنن الكبرى) ج ٥ ص ١٦٧ مع اختصار السند: أن رجلًا من جَذْم جامع امرأته، فسأل الرجل رسول الله ÷ فقال: «اقضيا نسككما، وأهديا هَدْيًا، ثم ارجعا حتى إذا جئتما المكان الذي أصبتما فيه بما أصبتما فتفرقا، ولا يرى واحد منكما صاحبه، وعليكما حجة أخرى، فتقبلان حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما وأَتمَّا نسككما، وأَهْدِيا» هذا منقطع، وهو يزيد بن تميم الأسلمي بلا شك، وقد روى ما في حديثه أو أكثره عن جماعة من أصحاب النبي ÷: مالك بلغه أن عمر وعليًّا وأبا هريرة سُئلوا عن رجل أصاب امرأته وهو محرم بالحج، فقالوا: ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما الحج من قابل، والهَدْي.

  وقال علي بن أبي طالب: (فإذا أهَلَّا بالحج من قابل تفرَّقا حتى يقضيا حجهما)، ومثله عن عمر وحده، ومثله أيضًا عن ابن عباس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أتى عبدَالله بن عمرو سائل يسأله عن محرم وقع بامرأته، فأشار إلى عبدالله بن عمر، فقال: اذهب إلى ذلك فاسأَلْهُ، قال شعيب: فلم يعرف الرجل، فذهبتُ معه، فسأل ابن عمر،