الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

المماثلة

صفحة 224 - الجزء 2

  ثم إن قوله: «إن حكم السلف غير لازم للخلف». اهـ قل: فلِمَ أخذ به التابعون ونقلوه؟! وأي الحُكْمَيْنِ خيرٌ: حُكْمُ نَقَلَةِ الرسالة أو حُكْمُ مَنْ بينه وبينهم أكثر من ألف سنة؟! على أن الحكم لا يبطله طول المدة، ولا يَنْقُضُ الحكمَ إلا حكمٌ، ومن أين له أنه يلزم في جزاء الصيد في كل حادثة حُكْمٌ، ومناقشته للفرق بين الشاة والتيس لا تنفع، ولا تَهْدِي مِنْ جَهْلٍ، فمن أَخَذَ بها أَخَذَ بحكم عَدْلٍ غير مرضي لا تُرضَى حُكُومتُه.

  ثم قال: «إذا تقرر لك هذا فاعلم أن جَعْل الظبي مشبها للشاة دون التَّيس مخالف للمشاهد المحسوس؛ فإن الظبي يشبه التيس في غالب ذاته وصفاته، ولا مشابهة بينه وبين الشاة في غالب ذاته وصفاته، وكذلك الحمامة؛ فإنها لا تشبه الشاة في شيء من الأوصاف ... إلخ» اهـ كلامه.

  أقول: عول الشوكاني في آخر بحثه على المشابهة، وأن هذا لا يُشبه هذا، وبهذا يتبين أنه لا يفرق بين المماثلة والمشابهة، وأن المشابهة يكفي فيها التشابه بين الشيئين، ولو في شيء واحد، فتقول: زيد يشبه الأسد أو كالأسد، وإنما أشبهه في الشجاعة، أما المماثلة فهي مبنية على الانضباط، أو بفارق يسير، ولهذا قال ÷: «الذهب بالذهب مثلا بمثل، والبُرُّ بالبُرِّ مثلا بمثل». ولو قال: (شبهاً بشبه) لجاز بيع الدينار الذي وزنه خمس قفال، بدينار بعشر قفال؛ لأن الشبه موجود، وهو أيضًا لا يفرق بين المجانسة والمشاكلة وغيرها - كما يظهر -، فهو يتكلم بغير معرفة، ومناقشته - لجعل الحمامة معدولة بالشاة - لا سماع لها، قال في (المغني) لابن قدامة الحنبلي ج ٤ ص ٥٨٣ ما لفظه: وفي الحمامة شاة حكم بها عمر، و ٧ عثمان، وابن عباس، ونافع بن عبدالحارث في حمام الحرم، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، وعروة، وقتادة، والشافعي، وإسحاق ... إلخ. اهـ المراد.