الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب القيمة على غير المحرم إذا قتل صيدا في الحرم

صفحة 225 - الجزء 2

وجوب القيمة على غير المحرم إذا قتل صيداً في الحرم

  قال الإمام: وأما ما يجب عليه - أي المحرم - تجنبه لأجل القيمة، فقال تعالى: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ}⁣[المائدة: ٩٥]، وهذا الاسم يتناول: مَنْ دخل الحرم سواء كان حلالا أو محرما كما يتناول من عقد الإحرام، يقال: أحرم الرجل، إذا دخل الحرم. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: وهذا الاسم يتناول مَنْ دخل الحرم ... إلخ. أقول: يرد هذا قبوله ÷ لما أهداه له أبو قتادة من حمار الوحش الذي صاده وأكله النبي وقرر أصحابه على أكله، وهو قتله في الحرم، ثم هذه الآية التي استدل بها المصنف هي الآية التي أوجب الله فيها الجزاء: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}⁣[المائدة: ٩٥]، فكيف يصح الاستدلال بها على أن المراد بقوله: {وَأَنتُمْ حُرُمٌ}، أي: وأنتم في الحرم وإن كنتم حلالا، ثم لا يكون الواجب الجزاء المذكور فيها بل القيمة فقط، فإن قال: الجزاء لا يجب إلا على المحرم إذا قتل صيدًا لا على الحلال؛ فلا تجب إلا القيمة، فيقال له: إن كان الدليل قوله تعالى: {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فينبغي أن يجب على المحرم وغير المحرم إذا قتل صيدًا في الحرم يصدق أول الآية عليهما كما زعمت، أعني قوله: {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} كما هو شأن المشترك إذا حمل على معنييه، وإن كان الدليل شأنا آخر فما هو؟» اهـ كلامه.

  أقول: هل رأيت تعليقًا أو شرحا أشبه بمحاكمة إلا عند الفقيه، وفي كل تعليق يدعي ويوهم أنه العرنين الأعلى، ومعه القدح المعَلَّى، والدنيا في اللطف، أسمع جعجعة ولا أرى طحناً. ثم إن مقال الإمام لوضوحه وقانونيته يحيل الانتقاد عند ذي البصيرة على الناقد؛ لأنه نقدٌ لم يؤسَّس على إمعان نظر، ولا على فهم للغة؛ فالإمام يقول: لورود الآية: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} وبعد إيرادها، قال: وهذا الاسم - أي (حُرُم) في قوله تعالى: {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} - يتناول مَنْ دخل الحرم. اهـ ومعنى قوله: (يتناوله) أنه ليس موضوعًا له