يكون الحج عن الميت من ثلث ماله
  وقوله: «إن النبي ÷ أذن للمحتضر بأن يوصي» ا هـ، عبارة ركيكة توهم أن الأمر بالإيصاء لبراءة الذمة من حق مخلوق أو من حق الله إنما هي رخصة.
  ثم كيف تكون رخصة وقد قال رسول الله ÷: «إن الله أعطاكم ثلث أموالكم ...» الحديث؟!.
  ثم قال: «وأما من قال بوجوب الوصية على من لم يحج فكان قياس قوله: أن تكون الأجرة الموصَى بها من رأس المال؛ لأن وجوب الوصية فرع وجوب الأجرة في مال الموصي؛ ولا فرق بين وجوب مثل الأجرة من ماله وبين وجوب مثل الزكاة» اهـ كلامه.
  أقول: إن محاولةَ تسوية الفقيه بين الزكاة وبين ما يُخْرَج للحج محاولة لا تستند إلى نور من هدي رسول الله ÷، ولا إلى استنباط يستحق العمل به، ولا له أي مناسبة في العقول؛ لأن علامة التسبيب المقبول: أن يكون مقبولًا في العقول؛ وذلك أن الزكاة وجبت من أول وهلة في المال، بل في كل جزء من أجزاء ماله وجب العشر؛ لأنها تجب في العين.
  أما المخْرَج عن الحج فهو بدل(١)، وهو قد اعترف في بحثه هذا والذي تقدمه أنها(٢) عبادة بدنية لا مالية، ولو أن الفقيه لزم آداب العلماء المتواضعين لله وقال: (المسألة خلافية)، ويورد كل قول وحجته ثم يرجح ويبين وجه ترجيحه، لكان أخفَّ رُزْءًا مما يصنع. لكن كما يقال: كتابُ كلِّ رجلٍ ميزانُ عقله.
  ثم قال آخر بحثه: «وأما ما يذكروه [هكذا والصحيح يذكرونه] من الفرق بين ما يتعلق بالمال ابتداء وانتهاء، وبين ما يتعلق بالبدن ابتداء وبالمال انتهاء فشيء لا مستند له، ولا معول عليه؛ لأن اعتبار الانتهاء عندهم قاعدة كلية في كل باب من الأبواب» اهـ كلامه.
(١) عن عدم وقوع الحج منه في حياته. تمت شيخنا.
(٢) أي فريضة الحج. تمت شيخنا.