جواز حج الفقير عن غيره ولو لم يحج عن نفسه
جواز حج الفقير عن غيره ولو لم يحج عن نفسه
  قال الشوكاني: «قوله: الخبر الأول يدل على أنه يجوز أن يحج عن غيره من لم يكن حجَّ عن نفسه ... إلخ. أقول: تَكَلَّف المصنفُ الجمعَ بما ذكره؛ لظنه أن ما روي فيمن لبَّى عن نُبيشة حديثٌ آخر غير حديث شبرمة، وهو غلط؛ فإن الحديث واحد، ولكنه غَلِطَ بعضُ الرواة فقال: نبيشة، وقلب الرواية» اهـ كلامه.
  أقول: نعم الملبي لبَّى عن شبرمة، والنبي ÷ سأله هل حجَّ عن نفسه؟ قال: لا، فقال: «حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة». ثم إن الإمام لم يتفرد برواية حديث نبيشة - عما يوهمه كلام الشوكاني - فقد رواه الدارقطني بسنده إلى ابن عباس انظر سنن الدارقطني ج ٢ صـ ٢٦٨، ولم يقل الدارقطني: إن هناك قلباً في الرواية بل قال: تفرد به الحسن بن عمارة وهو متروك الحديث والمحفوظ عن ابن عباس حديث شبرمة. ا. هـ المراد، غير أن هنا سؤالًا لمن يعرف علم الحديث: هل يتوقف الجمع بين الحديثين على تعدد الرواة، أو يُجْمَعُ بين الحديثين إن أمكن، ولو كان الراوي واحدًا؟، الظاهر هو الثاني؛ لأن الغرض الموافقة بين كلامي رسول الله من دون نظر إلى اتحاد الراوي أو تعدده، وقد اكتفى الفقيه بالتعليق المقتضب على كلام الإمام بما صَدَّره في أول بحثه إذ قال: «وإن حج عن غيره من لم يكن حج» اهـ. قال الشوكاني هكذا فقط. ولم يذكر كلمة الإمام المتممة للفائدة، وهي قوله #: (إن كان فقيرًا)؛ لأن منطوق الحديث جعلها عن نفسه. وقد ظهر من السؤال والجواب قدرته على أن يحج لنفسه، فظهر من المفهوم أنه لو كان فقيرًا صح حجه عن غيره؛ لأنه غير مكلف به(١)، وهذا ما أعرض عنه الشوكاني ودفنه عمدًا.
  وفي (بدائع الصنائع) ج ٢ ما لفظه: وقال الشافعي: لا يجوز حج الصَّرورة عن غيره ويقع
(١) أي غير مكلف بالحج لفقره تمت شيخنا.