الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(تحريم نكاح الكتابية)

صفحة 268 - الجزء 2

  عند الله، وإن جاء بها إلى دار الإسلام فحكمنا غير جائز عليها؛ لأن قضاءنا علينا لا غير، بل على بعضنا فقط.

  ٤ - إذا مكث الولد مع أمه في ديار الكفر والجميع من حوله يهود أو نصارى، التعليم تابع لهم، والقضاء بأيديهم، وأترابه على خلاف ملة أبيه فلا ريب أنا قد غرسنا الكفر فيه، وغرسناه في الكفر، وكيف هذا مع قوله تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}⁣[التحريم: ٦].

  ٥ - ستعطل علينا أحكام كثيرة منها: أنها لا ترثه ولا يرثها؛ لعلة الكفر، وعطلنا بهذا آية الميراث، ولا يرث الولد من خالفه في الملة، وهو لا يرثه أيضًا، ثم كيف بمجالسة امرأة تَدينُ بتكذيب رسول الله، وبغضه وإنكار الإسلام، ورفض القرآن، أليس رسول الله ÷ يقول: «المرء على دين خليله» فكيف بحليله؟! وحسبك أنها تُمسي وتصبح كافرة بربها، وتقول: عزير، أو المسيح ابن الله، ولا صلاة، ولا غسل من الجنابة؛ فالظاهر - والله أعلم - أن الحل فيها حل ضرورة.

  ثم انظر إلى آية البقرة التي حرمت نكاح المشركات؛ جعلت العلة واضحة بقوله سبحانه: {أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ}⁣[البقرة: ٢٢١]؛ وهذه علة قائمة موجودة، بل اليهود والنصارى اليوم أشد ضراوة وضررًا على الإسلام والمسلمين من أي طائفة، ولو كان للرجل المؤمن امرأة تؤذي أمَّهُ أو أباه أو تبغضه؛ لتعين عليه فراقها، فكيف بعداوة رسول الله ÷ وتكذيبه؟! والله من وراء القصد، وهو نعم الوكيل.

  نعم: رجحنا تحريم نكاح الكتابية؛ تحذيرًا مما أحيط اليوم بهذا النكاح من التردي فيه؛ لأن وضع المسلمين اليوم غير وضعهم حين حلها؛ فالإسلام يومئذ هو ذو السلطة والنفوذ، يأوي إلى ظلاله الضعيف، ويأمن به الخائف، ويلوذ به الملهوف، فإذا ما حصل بين الرجل المسلم وامرأته الكتابية في عصرنا هذا شقاق، وفركته المرأة، ورغبت عن البقاء معه وبقاء زوجيته فما عليها إلا أن تذهب إلى سفارتها تعلن طلاقه، ويرحلونها بلادها مع