لا خيار للصغيرة إن زوجها أبوها كفؤا لا يعاف
  مخافته من الله، ومن إحاطته بالسنة المطهرة، حتى جعل باب مدينة العلم، وهذه الخصال الكريمة حاجزة له أن يقول في العلم بغير علم، ولقد كان يخصه المصطفى ÷ بما لم يخص أحدًا من أصحابه، حتى كان مرجع الصحابة، وأي شخص غيره قال: «سلوني قبل أن تفقدوني»؟! ومن له العجائب المفردة في القضاء وغيره؟! فإياك أن تسمع للسان خليفة ابن تيمية. وحقيقة القول في المسألة: أن جمهور العلماء قولهم في هذه المسألة قول علي #: وأنه لا خيار لصغيرة زوّجها أبوها كفؤاً لا يعاف، وهو نص (الأزهار)، ولم يحك شارح (الأزهار) خلافا لأحد، ونَقْلُهُ (كما قد عُلِمَ) بمكان من الصحة.
  وحكى صاحب الحاشية على (شرح الأزهار) خلافًا للإمام الشافعي في أحد قوليه أن لها خيارًا، ونقله لا يقل ثقة عن (شرح الأزهار). واعلم أن منشأ الخلاف في القضية أن الله سبحانه وتعالى جعل للأب الولاية المطلقة على مال الصغير، ومَنَعَه من تسليمه المال لولده حال صغره حتى يتم اختباره في تصرفه بعد إيناس رشده، ومنشأ خلاف الإمام الشافعي في أحد قوليه في ولاية الأب على المال أن الشرع اعتبر عين الحكم وهي الولاية في عين العلة وهي الصغر؛ فلا يتعداه إلى غير المال. وعند العترة والجمهور أن الشرع اعتبر عين العلة وهي الصغر في جنس الحكم: ولاية مال أو نكاح أو غيرها، فإلى الأب ولاية القضاء والاقتضاء، ودفع ما على الصغير، واستيفاء مَا لَهُ، وألحقوا به عقد النكاح، وألحقوا بالصغير: المعتوه، والسفيه، والمجنون؛ بجامع عدم الرشد في التصرف؛ فالولاية في كل ذلك عند علي # وسائر العترة وعند الجمهور للأب؛ فهو أدرى بمصلحة ولده، وأحفظ لماله وأولى به من نفسه، إذ لا يظن به فعل غير الأصلح، واختيار غير الأرجح في مال أو نكاح أو غيرهما. هذا باعتبار ما تقتضيه القاعدة الأصولية التي لا عهد للفقيه بها.
  وأما من جهة أقوال العلماء فسأنقل لك من ماء معين، وسند مكين: ففي (البحر) ج ٣ ص ٢٩ ما لفظه: مسألة: الزيدية، والحنفية: وللولي تزويج الصغيرة أبا كان أو غيره؛ لعموم الأدلة.