الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الكفاءة في النسب

صفحة 291 - الجزء 2

  عمر؟! على أنه لا وصمة في مصاهرة عمر؛ فهو من قريش.

  فالكفاءة معمول بها شرعا وعرفا؛ ألا ترى أن رسول الله استجاب لعتبة بن ربيعة في غزوة بدر، وقد قام ثلاثة من الأنصار لمبارزة: شيبة، وعتبة، والوليد، فقالوا: يا محمد، ابعث لنا أكفاءنا، فقال: «قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة».

  وفي عصرنا هذا تعتبر كفاءة الحرفة، وكفاءة النسب، وكفاءة الجاه، وكفاءة المال الذي أصبح معبودًا، وأيم الله لو وصل مُزَيِّنُ شوكان وأذناه تنطف صلاةً يخطب أمَّ الشوكاني ما كان ليقبل خطبته! ولاعتذر بعذر لا أصل له، حتى لإكمال دراستها! وهو أيضًا لو خطب بنت المهدي عبدالله لكان سبب عزله!.

  فالمسألة عرفية حساسة معمول بها، فتهريج الفقيه في الدفاتر كتهريج الإخوان⁣(⁣١) في المنابر؛ يدعون إلى قبول خطبة أي خاطب، ولو فقيرا، و يرددون: «تزوجوا فقراء يغنكم الله»، ويوردون قصة عبدالملك بن مروان مع سعيد بن المسيب، فإذا خطب كريمتهم خفيف ذات اليد أغلقوا دون الموافقة عليه الأبواب!

  على أنه يحصل بالكفاءة بين الزوجين تمام الألفة، والأريحية؛ لأن كل واحد يشعر أنه ظفر بجزء منه متمم له؛ لأن الكفاءة عبارة عن التساوي؛ فيحصل بها زواج متصف بتمام الازدواج، ويصبح كل واحد منهما يسمى زوجًا؛ لأنه حصل على ما يتمِّمه ويُكَمِّله؛ ولله در صاحب (البحر)؛ إذ قال في ج ٣ ص ٤٨ ما لفظه: فصل: الكفاءة: المماثَلة.

  قلت: وفي العرف المماثلة في الشرف والدناءة، وهي معتبرة في الزواج إجماعًا؛ لقوله تعالى: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣٢] أي من يليق بهن، وإلا لقال: الأزواج. اهـ المراد.

  لأنه حينما يحصل التفاوت في الشرف تُزَفُّ إليه مع عوامل الفرقة، ودواعي الفصل، وتحصل فرقة القلوب قبل فرقة الأبدان؛ ألا ترى إلى قصة زينب مع زيد ®:


(١) الإخوان: إشارة إلى دعاة الوهابية والإصلاحيين.