الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الكفاءة في النسب

صفحة 292 - الجزء 2

  حكى في (السنن الكبرى) للبيهقي ج ٧ ص ٣٦ بسنده إلى الكميت بن زيد الأسدي، قال: حدثني مذكور مولى زينب بنت جحش، عن زينب بنت جحش قالت: خطبني عدة من أصحاب النبي ÷، فأرسلت إلى النبي ÷ أختي أُشَاوِرُهُ، قال: «فأين هي ممن يعلِّمها كتاب الله وسنة نبيها»؟! قالت: مَنْ؟ قال: «زيد بن حارثة»، فغضبتْ⁣(⁣١) وقالت: أَتُزَوِّج ابنة عمتك بمولاك؟! ثم أتتني فأخبرتني بذلك، فقلتُ أشدَّ من قولها، وغضبتُ أشدَّ من غضبها؛ فأنزل الله الآية: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}⁣[الأحزاب: ٣٦] قالت: فأرسلتُ إليه ÷: زوجني من شئتَ، فزوجني منه⁣(⁣٢)، فأخذتُه بلساني⁣(⁣٣)، فشكاني إلى النبي ÷، فقال له النبي ÷: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ}⁣[الأحزاب: ٣٧]، ثم أخذته بلساني فشكاني إلى النبي ÷ وقال: أنا أطلقها، فطلقني، وبتَّ طلاقي، فلما انقضت عدتي لم أشعر إلا والنبي ÷ وأنا مكشوفة الرأس، فقلت: هذا أمر من السماء؟! قلت: يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة، قال: «الله المزوج، وجبريل الشاهد»، يعني قوله تعالى: {زَوَّجْنَاكَهَا}.

  وهذا يكفح في جبهة من قال: «قد كان خير القرون في راحة من هذا إلى بعد أربعمائة سنة»!.

  وما رواه صاحب (السنن الكبرى) هو أولى مما لَطَّخَ به الزمخشريُّ كشافَه، وأن النبي هَوِيَها، ورغب في إخراجها من زيد لينكحها.

  ولو قيل لمن روى هذا: إن أباه أخرج محصنة من زوجها ليتزوجها لتربَّدَ وغَضِبَ، وأطال في النكير!

  نعم: عدم الكفاءة هو الذي سَبَّب فَرْكَ⁣(⁣٤) زينب زيدًا. وهو واقع في الصدر الأول، وفي عهد النبي، وحين نزول القرآن، وقريب من هذا ما وقع لـ ميسون زوج معاوية لا من جهة


(١) أخت زينب

(٢) يعني من زيد

(٣) احتقرته.

(٤) فركت المرأة بعلها: كرهته. تمت شيخنا.