الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الفسخ

صفحة 303 - الجزء 2

الفسخ

  قال الشوكاني: «قوله: فصل: فإذا بلغت الصغيرة إلى آخره. أقول: إثبات الفسخ للصغيرة عند بلوغها ليس إلا بالقياس على الأمة إذا عتقت كما في حديث بريرة بجامع أنها عند تكليفها صارت مالكة للتصرف بعد أن كانت مسلوبة بالصغر كما كانت الأمة مسلوبة التصرف بالرق، فلما عتقت ملكته، هذا غاية ما يمكن إيضاحه من الجامع» اهـ كلامه.

  أقول: قوله: «إثبات الفسخ للصغيرة عند بلوغها ليس إلا بالقياس» اهـ. إن أراد أن هذا قول للعلماء فهو مردود من حيث الوقوع؛ لأنه لم يعلِّل بهذا فيما أعلم إلا الجلال، وعنه أخذ الشوكاني ولم يعزه.

  قال في (ضوء النهار) ج ٢ ص ٧٦٣ ما لفظه: لنا قياس ملك الصغيرة أمر نفسها ببلوغها على ملك الأمة أمر نفسها في إيجاب تخييرها بجامع تجدد ملك التصرف بعد أن لم يكن، كما ثبت في حديث بريرة. اهـ المراد.

  ثم إن هذا قياس فاسد الاعتبار؛ لحصول الفوارق؛ لأن بريرة عَتَقَتْ وعَتَقَ معها بُضْعُها، كما في بعض الروايات، ولم يتوقف انفساخ نكاحها على شيء غير عتقها، بل انفسخ النكاح بمجرد العتق.

  ثانياً: أن زوجها مغيثاً عبدٌ كما ثبت عند مسلم والنسائي من حديث عائشة، ومن حديث صفية بنت أبي عبيد عند البخاري، وأحمد، وأبي داود، والترمذي، والطبراني من حديث ابن عباس. قال صاحب ضوء النهار: وبيَّن المنذري أنه كان عبدًا أسود لبني المغيرة، أو لآل أحمد، أو لبعض بني مطيع، ثم قال الفقيه: «هذا غاية ما يمكن من الجامع، و فيه ما لا يخفى؛ فإن الأصل يحتمل أن يكون الفسخ فيه لذلك، ويحتمل أن يكون لكون الزوج عبدًا، كما في كثير من الروايات. ثم هو قياس مع الفارق؛ فإن الحرة الصغيرة تملك في حال صغرها، بخلاف الأمة في