(لا وضوء من أكل لحم الإبل)
  ثم قال الشوكاني: «ولم يأت عنه ÷ ما يخالف هذا من قول أو فعل أو تقرير» اهـ كلامه.
  أقول: هذا حسب زعمه، وكأنه لم يقرأ حديث (كتف الجزور)، في الصفحة التي بباطن صفحة الشاة التي علق عليها في الكتاب نفسه، والورقة نفسها ونصُّه: وعن علي(١) # قال: اعتكف رسول الله ÷ في العشر الأواخر من رمضان، فلمَّا نادى بلال بالمغرب أُتِيَ رسول الله ÷ بكتف جزور(٢) مشوية فأمر بلالاً فكف هنيهة فأكل # وأكلنا ثم دعا بلبن إبل قد مُذِقَ(٣)، له فشرب وشربنا ولم يحدث طهوراً). اهـ.
  تم ادَّعى الشوكاني أن قول عامَّة أهل العلم مطابق لقوله في التخصيص الذي لم نجده.
  وإليك أيها القارئ ما رقمه العلامة ابن رشد القرطبي في هذا الموضع عن علماء الأمصار الجزء الأول ص ٤١ من (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) ولفظه:
  اختلف الصدر الأول في إيجاب الوضوء من أكل ما مسته النار؛ لاختلاف الآثار الواردة في ذلك عن رسول الله ÷.
  واتفق جمهور فقهاء الأمصار بعد الصدر الأول على سقوطه إذ صح عندهم أنه عمل الخلفاء الأربعة ولحديث جابر أنه قال: (كان آخر الأمرين من رسول الله ÷ ترك الوضوء مما مسته النار(٤)»(٥)، ولكن ذهب قوم من أهل الحديث (أحمد وإسحاق وطائفة غيرهم) أن الوضوء يجب فقط من أكل لحم الإبل. اهـ المراد.
  ثم قال: «وأما ما ذكره المصنف من حديث الشاة المصْليّة وقال: إنه معارض لحديث (الوضوء من لحم الإبل) فكيف تصح هذه المعارضة فإن خبر الشاة يوافق الحديث الذي المصنف بصدد الكلام عليه في عدم وجوب الوضوء من لحوم الغنم، وليس في خبر الشاة تعرض للحوم الإبل بنفي ولا إثبات». اهـ كلامه.
(١) روي عن أمير المؤمنين علي وابن عباس أنهما قالا: «الوضوء مما خرج وليس مما دخل».
(٢) الجزور: الإبل.
(٣) مذق اللبن إذا خُلط بقليل من الماء.
(٤) أي عدم الوضوء من أكل مما مسته النار. اهـ.
(٥) أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وقال الألباني: صحيح.