الباب الأول
  عبد الوهاب سنة ٨٩٤ هـ، وتولى بعده ولده عامر بن عبد الوهاب (الظافر الثاني)(١) وثار ضده أبناء عمومته، وأيضًا تمردت عليه قبيلة الزرانيق(٢) في تهامة مرتين حتى قضى عليهم، وكان ذلك ما بين عام ٨٩٦ هـ - ٨٩٩ هـ. وبعد ما استتب له الأمر اتجه نحو شمال اليمن أو ما كان يسمى باليمن الأعلى، والذي كان يحكم من قبل الأئمة الزيديين؛ حيث أرسل قوة بقيادة علي بن محمد البعداني(٣)، لكنها هزمت على يد الأئمة، ثم إن عامر قام بنفسه بقيادة الجيش وحاصر صنعاء، وضيق على أهلها حتى استسلموا، معلنا الإمام محمد بن علي السراجي الوشلي(٤) الاستسلام عام ٩١٠ هـ. وفي هذه الأثناء وصل البرتغاليون إلى جنوب الجزيرة العربية مغيرين عليها؛ فقد هاجموا عدن وقصفوها بالمدافع، واحتلوا جزر كمران في البحر الأحمر، وقتلوا عاملها من قبل الطاهريين، ثم اتفق خروج طائفة من المماليك في مصر إلى سواحل اليمن سنة ٩٢٠ هـ، وكاتبوا السلطان عامر بن عبد الوهاب أن يعينهم بشيء من الميرة(٥)؛ لكونهم خرجوا من الديار المصرية؛ لمقاتلة الإفرنج الذين في البحر يخطفون مراكب المسلمين؛ فامتنع عامر، ودخلوا بلاده ومعهم البنادق، ولم يكن لأهل اليمن بها عهد إذ ذاك؛ فبعث إليهم جيشًا كبيرًا من أصحابه وهم في قلَّة، ووقع التلاقي؛ فرمى المماليك بالبنادق. ولما سمع جيش عامر أصواتها ورأوا القتلى فرُّوا، فاتبعهم المماليك يقتلون كيف يشاؤون، ثم فرَّ عامر وتتبعوه من مكان إلى آخر حتى وصل قرب صنعاء فقتلوه، ثم دخلوا صنعاء؛ ففعلوا الأفاعيل المنكرة،
(١) عامر بن عبد الوهاب بن داود بن طاهر، آخر سلاطين بني طاهر في اليمن، ولي بعد أبيه سنة ٨٩٤ هـ، وكان شديد الشكيمة، بطاشا، له مآثر كثيرة، اشتبك مع جيش من الترك الذي أرسله السلطان قانصوة الغوري في حروب كثيرة انتهت قُتِلَ سنة ٩٢٣ هـ، من قبل جيش الشراكسة وبه انتهت دولة بني طاهر، ومدتهم نحو ثلاث وستين سنة. الأعلام ٣/ ٢٥٣.
(٢) الزرانيق: من أشهر قبائل تهامة، ونسبهم في الأشاعرة، وهم في الأصل قبائل المعازبة، ومساكنهم ما بين وادي رماع، ووادي ذؤال، وما بين البحر وجبال ريمة الأشابط، وقراهم بيت الفقيه. ينظر: مجموع بلدان اليمن وقبائلها، تأليف القاضي محمد بن أحمد الحجري، تحقيق: إسماعيل الأكوع - دار الحكمة اليمانية - ط ٢ (١٤١٦/ ١٩٩٦ م). ١/ ٣٩٤.
(٣) علي بن محمد البعداني: قائد عسكري، ومقدم السلطان، وقد أرسله إلى ملص من بلاد عنس، وشارك في كثير من معاركه، قتله المصريون سنة ٩٢٣ هـ. ينظر: اللطائف السنية في أخبار الممالك اليمنية، تأليف محمد بن إسماعيل الكبسي - تحقيق: أبي حسان الأذرعي - مكتبة الجيل الجديد - ط ١ (١٤٢٦ هـ/٢٠٠٥ م) ص ١٩١/ ١٩٨/٢١٠.
(٤) محمد بن علي السراجي الوشلي: من أئمة الزيدية، ولد سنة ٨٤٥ هـ، وقرأ العلوم حتى صار من أكابر علماء عصره، ودعا إلى نفسه سنة ٩٠٠ هـ وبايعه جماعة من علماء الزيدية، وأجابه كثير، وفتح عدة مواضع، ووقعت بينه وبين السلطان عامر بن عبد الوهاب حروب وأسر، وتوفي بالسجن سنة ٩١٣ هـ. ينظر: التحف شرح الزلف ص ٣٠٧، والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، لمحمد بن علي الشوكاني - دار المعرفة - بيروت - لبنان - بدون ٢/ ٢١٣.
(٥) الميرة: الطعام يمتاره الإنسان. مختار الصحاح، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي - دار الحديث - القاهرة - (١٤٢٤ هـ/٢٠٠٣ م). ص ٣٤٤.