تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب المياه

صفحة 291 - الجزء 1

  قال: وأما التحديد بغلبة الظن فلأن الظن حاصل بل القطع بأن النجاسة تستعمل باستعمال الماء الذي وقعت فيه [و] لو كثر لا سيما إذا كان النجس مائعا؛ لأن أجزاء النجاسة تختلط بأجزاء الماء، فيلزم ألا يكون شيء من الماء الذي وقعت فيه نجاسة يصح التطهر به إلاَّ إذا وقعت في طرف نهر طويل [وَتَطَهَّرَ]⁣(⁣١) من الجانب الآخر، وذلك نادرٌ. هذا حاصل ما ذكره أيده الله، وهو الغاية في التحقيق ولا يتجه غيره والله أعلم.

[الماء المتغير بطاهر]

  النوع الرابع: ما وقعت فيه النجاسة حال كونه متغيرًا بطاهر فإنه يصير نجسًا ولو كثر كسائر المائعات، ولكنه يفارقها بأنه يعود طاهرًا متى صلح بأن زال تغيره.

  والأقرب أن المعتبر في تغير الماء بالطاهر - هاهنا - هو أن يسلبه إطلاق اسم الماء - كما سيأتي - لا التغير اليسير. والله أعلم.

  فائدة: إذا تغير بعض الماء الكثير بنجاسة، فعن [بعض]⁣(⁣٢) أصحاب الشافعي⁣(⁣٣) أنه يحكم بنجاسة جميعه؛ لأنه ماء واحد، ويلزمهم على هذا أن يحكم بنجاسة ماء البحر جميعه بوقوع النجاسة في بعضه؛ لأنه ماء واحد. والصحيح أنه إذا كان البعض الذي لم يتغير كثيرًا لم يحكم بنجاسته - وكل على أصله في حد الكثير - وإن كان قليلاً حكم بنجاسته⁣(⁣٤).

  فائدة أخرى: لو خلط بالماء الكثير مثله من البول الذي لا رائحة له أو نحو ذلك فإنه يحكم بنجاسته وإن لم يتغير بذلك أحد أوصافه؛ لأنه في حكم المتغير، رجوعًا إلى التقدير عند تعذر التحقيق؛ إذ لو فرض بقاء رائحة البول لغيّره. فلو قيل فيه - في النوع الثاني⁣(⁣٥) - وما غيرته تحقيقًا أو تقديرًا لكان حسنًا. والله أعلم.


(١) في (ج): فتطهر.

(٢) ما بين المعقوفتين من (ج).

(٣) انظر: المجموع ١/ ١٦١.

(٤) انظر: الانتصار ١/ ٢٤٦، والبحر الزخار ١/ ٣١.

(٥) في (ب): من النوع الثاني.