باب الغسل
  ولا وجه لحمل الأخبار الواردة في التقاء الختانين على ما إذا عطف الذكر، كما قد قيل؛ لما في هذا من التعسف الذي لا دليل عليه، ولا حاجة إليه، والله أعلم.
  تنبيه آخر: قد عد بعضهم من موجبات الغسل موت المؤمن غير الشهيد، وخروج بول أو غائط من فرج الميت بعد غسله، وقبل تكفينه. وإنما لم يتعرض المؤلف أيده الله تعالى لذكرهما هاهنا؛ لأن الكلام هاهنا إنما هو في الاغتسالات التي لها أحكام مخصوصة من: وجوب النية، واستباحة التلاوة، ومس المصحف، ودخول المسجد، وغير ذلك وإلا لوجب أيضًا أن يعد منها تلوث البدن بالنجاسة؛ إذ غسله واجب حينئذ؛ ولأنه سيأتي ذكر ذينك الموجبين في موضعهما إن شاء الله تعالى.
[المحرمات على الجنب]
  قوله أيده الله تعالى: (ويحرم بذلك التلاوة، المؤيد بالله: بقصد)(١) أي يحرم بما ذكر من الأمور الأربعة الموجبة للغسل ثلاثة أشياء:
  أولها: التلاوة: وهي قراءة القرآن باللسان ولو بعض آية على الصحيح، وسواء كانت القراءة جهرًا أو سرا بحيث يسمع نفسه، وكذا عندنا حيث حرك بها لسانه وإن لم يسمع نفسه(٢)، خلاف ما ذكره بعض الشافعية(٣).
  فأما حيث أجرى القرآن على قلبه من دون تحريك لسانه فلا خلاف في جوازه؛ والدليل على تحريم التلاوة للجنب حديث ابن عمر: «لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن». رواه الترمذي(٤).
  قيل: وله متابعات، وقيست النفساء في ذلك على الحائض.
  وفي الشفاء وغيره عن علي أنه قال: يقرأ أحدكم القرآن مالم يكن جنبًا، فإن(٥)
(١) الانتصار ٢/ ٥٣، والبحر الزخار ١/ ١٠٣، وشرح الأزهار ١/ ١٠٧.
(٢) شرح التجريد ١/ ٢٥٢، والانتصار ٢/ ٥٢، والبحر الزخار ١/ ١٠٣، وشرح الأزهار ١/ ١٠٧.
(٣) ينظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٢٠.
(٤) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن ص ٣٧ رقم (١٣١) قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ÷، وأخرجه ابن ماجة في سننه، كتاب أبواب التيمم - باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة ص ٨٩ رقم (٥٩٥)، والبيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب ذكر الحديث الذي ورد في نهي الحائض عن قراءة القرآن وفيه نظر ١/ ٨٩ رقم (٤٢٢).
(٥) في (ج): فإذا كان.