باب: [صلاة الجماعة]
[الأعذار التي يجب معها ترك الجماعة]
  وأما الأعذار المؤثمة: ومعنى كونها مؤثمة أنه يأثم من صلى معها جماعة، فنحو فساد الإمام، بحيث لا تصح الصلاة خلفه، وكضياع من يتعين عليه أمره من مريض أو ميت، أو خوفه على نفسه [التلف](١)، أو على ماله المجحف به(٢)، أو حصول منكر بسبب الجماعة، أو فوت مصلحة دينية متعينة عامة مهمة، أو نحو ذلك. فهذه الأعذار المؤثمة يجب معها ترك الجماعة. والله أعلم(٣).
  قوله(٤): "كالجمعة" أراد أن الجمعة والجماعة مستويتان في جواز تركهما للأعذار، وفي وجوبه في بعض الأحوال، كما قال في البحر في صلاة الجمعة: وأعذار الجماعة أعذار لها. والله أعلم(٥).
فصل: [شروط صحة الجماعة]
  (وإنما تصح خلف المكلف، الذكر بالذكر، أو مع الذكر) المراد بالمكلف: البالغ العاقل، كما تقدم، فلا تصح إمامة(٦) الصبي والمجنون؛ لرفع القلم عنهما(٧)، خلاف الشافعي في المراهق في غير صلاة الجمعة(٨)، ولا خلف السكران مطلقًا؛ لقوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}(٩).
  وقوله: "الذكر بالذكر" احتراز من إمامة المرأة بالرجل، أو الرجال ولو مع نساء(١٠). وكذا إمامة الرجل بالمرأة وحدها، فأما مع رجل فصاعدا فتصح كما سيأتي.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).
(٢) في (ب، ج): من ماله المجحف أو حصول.
(٣) الانتصار ٣/ ٥٠٢ - ٥٠٣، والبحر الزخار ١/ ٣٠٠، والمهذب ١/ ٣١١.
(٤) في (ب، ج): وقوله.
(٥) البحر الزخار ٢/ ٥.
(٦) شرح الأزهار ٢٨٢، والقول بعدم جواز إمامة الصبي هو قول مالك، وذهب أبو حنيفة، والحنابلة إلى أن إمامة الصبي لا تصح في الفرض وتصح في النافلة. عيون المجالس ١/ ٣٦٤، والمدونة ١/ ١٧٧، وبدائع الصنائع ١/ ١٥٧، والمغني ٢/ ٥٤، والإنصاف ٢/ ٢٦٦.
(٧) شرح الأزهار ١/ ٢٨٢، والتذكرة الفاخرة ص ١٠٩.
(٨) المهذب ١/ ٣١٥.
(٩) سورة النساء: ٤٣.
(١٠) وبه قال سائر الفقهاء. الأحكام ١/ ١٠٢، وشرح الأزهار ١/ ٢٨٣، وعيون المجالس ١/ ٣٦٨، =