تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب النجاسات

صفحة 246 - الجزء 1

[كيفية تطهير متيسر الغسل]

  قوله أيده الله: (ومتيسره تطهير الخفية بالماء ثلاثا) هذا هو القسم الثاني من أقسام⁣(⁣١) المتنجس، وهو ما يتيسر غسله ولا يشق، وذلك كالثياب والآنية ونحوهما إذا تنجست نجاسة خفية.

  والمراد بالخفية: ما لا⁣(⁣٢) يظهر لها أثر من لون أو ريح أو طعم، فما كان كذلك فالواجب تطهيره بالماء القراح لا بغيره كماء الورد، والخل، وإن عمل عمل الماء⁣(⁣٣)، خلافًا لأبي حنيفة⁣(⁣٤).

  وقد أفاد إطلاق الماء كونه قراحاً غير مشوب كما سيأتي. ولا بد أن يكرر غسله ثلاث مرات يتخللها العصر في الثياب ونحوها، والدلك في الأبدان والآنية ونحوهما⁣(⁣٥) وجوبًا على المذهب⁣(⁣٦). أما كون تطهير المتنجس لا يكون إلا بالماء كما هو مذهب الأكثر، فلما سيأتي.

  وأما كون الواجب ثلاث غسلات فذلك هو المختار للمذهب⁣(⁣٧)؛ واستدلوا على ذلك بنحو حديث أبي هريرة أن النبي ÷ قال: «إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده»⁣(⁣٨). أخرجه الستة إلا الموطأ، واللفظ لإحدى روايات مسلم.


(١) في الأصل: القسم الثاني من المتنجس.

(٢) في (ج): ما لم.

(٣) انظر: شرح الأزهار ١/ ٤٣، والتاج المذهب ١/ ٢٢، والمغني لابن قدامة ١/ ٢٣.

(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٥٥.

(٥) في (ج): ونحوها.

(٦) انظر البحر الزخار ١/ ١٨، والتاج المذهب ١/ ٢٢.

(٧) انظر المراجع السابقة.

(٨) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء - باب الاستجمار وترا ص ٤٢ رقم (١٦٢)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة - باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثا ص ١٦٦ رقم (٢٧٨)، وأخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ص ١١ رقم (٢٤)، وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ص ٣٥ رقم (١٠٣)، وأخرجه النسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب تأويل قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}⁣[المائدة: ٦] ص ٥ رقم (١).