تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

فصل: [حكم صلاة الجنازة]

صفحة 559 - الجزء 2

  وأما الفاسق فالصلاة عليه حق للمصلي فقط، فيجوز له أن يستوفي حقه بالصلاة عليه. وله أن يسقط حقه بتركها؛ إذ لا يؤدي ذلك إلى إسقاط حق للغير. حكى ذلك عنه في شرح الأثمار، وهو نظر دقيق، وتحقيق أنيق. ولم يشر إلى ضعف كلام أهل المذهب في هذه المسألة، كما في مسألة الغسل؛ لموافقته إياهم في عدم الوجوب. وإنما خالفهم في الجواز.

[أحكام الصلاة على الملتبس بغير المسلمين ودفنه]

  قوله أيده الله تعالى: (وإن التبس بغير بمشروطة) [معناه]⁣(⁣١) أن الصلاة تجب على المؤمن ومن له حكمه، وتجوز على الفاسق على ما اختاره [المؤلف]⁣(⁣٢)، وإن التبس بكافر، نحو أن يختلط قتلى المسلمين وقتلى الكفار ولا يتميز بعضهم من بعض، وأنه يصلى عليهم جميعًا بنية مشروطة، فإن صلى عليهم دفعة واحدة نوى أن صلاته ودعاه للمسلمين منهم، وإن صلى على كل واحد منهم وحده نوى أن صلاته عليه ودعاءه له إن كان مسلمًا. هذا هو [المختار]⁣(⁣٣) للمذهب⁣(⁣٤).

  وقال في الكافي، وأحد قولي الشافعي: يصلي على الجميع مطلقا، ويقبرون في مقابر المسلمين⁣(⁣٥).

  وعند أصحابنا، وأبي حنيفة: تعتبر الغلبة⁣(⁣٦)، فإن استووا فعند زيد، والهادي، والناصر، وأبي حنيفة يدفنون في مقابر الكفار، ولا يصلى عليهم؛ تغليبًا لجانب الحظر، وعند المؤيد بالله، والشافعي عكس ذلك⁣(⁣٧)، هكذا في الغيث⁣(⁣٨). والصحيح ما تقدم؛ إذ لا يسقط الواجب بالشك، ولا حظر مع النية المشروطة.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).

(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(٤) الانتصار ٤/ ٦٨٧.

(٥) روضة الطالبين ص ٢٢٩، وشرح الأزهار ٤/ ٤٢٦. وعند المالكية والحنابلة: إذا اختلط المسلمون والمشركون ولم يميزوا صلى عليهم ونوى بها المسلمون. عيون المجالس ١/ ٤٦٦، والإنصاف ٢/ ٥٣٨.

(٦) شرح الأزهار ١/ ٤٢٦، وبدائع الصنائع ١/ ٣٠٣، والبحر الزخار ١/ ١٢٥.

(٧) شرح الأزهار ١/ ٤٢٦، وبدائع الصنائع ١/ ٣٠٣، والبحر الزخار ١/ ١٢٥، وروضة الطالبين ص ٢٢٩، والأم ٣/ ٣٧٥، والمجموع ٥/ ٢١٨.

(٨) شرح الأزهار ١/ ٤٢٦.