باب النجاسات
  أما اعتبار التراب؛ فلأنه مأمور بالتطهير به، فلا يقوم غيره مقامه كالتيمم.
  وأما كونه يجري في إحدى الغسلات؛ فلأن الروايات في ذلك لما تعارضت حملت رواية: «أولاهن» على بيان الأكمل؛ لكون الغسلات بعدها أبلغ في إزالة أثر التراب. وحملت رواية: «الثامنة بالتراب» على أن التراب لما صاحب الماء في السابعة كان بمثابة ثامنة، وحملت رواية: «السابعة بالتراب» على أن الترتيب يجزئ في السابعة كغيرها. ويؤيد ذلك رواية: «أولاهن أو أخراهن بالتراب»(١).
  قالوا: وأما اشتراط طهورية التراب ومزجه بالماء؛ فلأن القصد بالتراب التطهير، وهو لا يحصل بدونها، فلا يكفى ذر التراب على المحل(٢).
  قالوا: والواجب من التراب ما يكدر الماء، ويصل بواسطته إلى جميع أجزاء المحل، فالماء(٣) الكدر كاف إذا ظهر أثر التراب فيه(٤). ذكر معنى ذلك في شرح الإرشاد.
  وعند أهل المذهب أن التسبيع والترتيب فيما ذكر مندوبان فقط؛ جمعا بين الأدلة(٥).
  وأفادت عبارة الأثمار أيضًا أن بول الصبي الذي لم يغتذ بالطعام كسائر النجاسات فيما ذكر، وفيه ما تقدم من الخلاف، ولا يخالفون في غائطه ولا في بول الصبية. قيل: ولا في الخنثى الرضيع؛ تغليبا لجانب الحظر.
[كيفية الغسل للمتنجس]
  تنبيه: وللغسلات عندنا صورتان:
  الأولى: أن يصب الماء على المحل المتنجس مع الدلك في الأبدان والآنية ونحوهما، والعصر في الثياب ونحوها كما تقدم، ثم كذلك مرة ثانية ثم ثالثة. قيل: وكثرة الصب يقوم مقام الدلك إذا حصل الظن بالطهارة(٦).
(١) أخرجه الترمذي ص ٢٦ رقم (٩١)، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء في سؤر الكلب، وسننن البيهقي ١/ ٢٤١ رقم (١٠٧٩) - باب غسل الإناء من ولوغ الكلب سبع مرات، وكشف الخفاء ١/ ١١٣ رقم (٣٠٢)، وتلخيص الحبير ١/ ٢٣ رقم (٩).
(٢) انظر: منهاج الطالبين ص ٨، ونيل الأوطار ١/ ٥٣.
(٣) في (ب): والماء.
(٤) انظر: روضة الطالبين ص ١٧، والفقه الإسلامي وأدلته ١/ ١٨٠ - ١٨١.
(٥) انظر: شفاء الأوام ١/ ١١١.
(٦) انظر: البيان الشافي ١/ ٤٧.