باب المياه
  تنبيه: فإن خَبَّرَهُ(١) ثقةٌ بنجاسة الماء، فقيل: يعمل بخبره، وإن لم يحصل له ظن إذا بَيَّنَ ما الذي تنجس به أو أجمل، وكان ذا بصيرة موافقًا في المذهب(٢)؛ لئلا يخبر بنجاسته بما لا ينجسه في مذهب السامع. فإن عارضه خبر ثقة آخر: فإنْ أضافا إلى وقتٍ واحدٍ تساقطا، ورجع إلى الأصل وهو الطهارة.
  وقيل(٣): بل يتحرى أي يعود إلى التحري، وإن أضافا إلى وقتين أو أطلقا حُكِمَ بالنجاسة؛ لأن المخبر بها ناقل عن الأصل، فهو يشبه الجرح مع التعديل. ذكر معنى ذلك في الزهور وغيره.
  تنبيه آخر: والدليل على اعتبار التحري ما ثبت في الشريعة من وجوب العمل بالظن عند تعذر اليقين؛ لقوله ÷: «إذا(٤) أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»، وهو طرف من حديث أخرجه البخاري ومسلم(٥).
[قاعدة: ويعتبر الانتهاء أو الابتداء والخلاف في ذلك]
  المسألة الخامسة: قوله أيده الله تعالى: "ويعتبر الانتهاء" يعني أن من توضأ بماء متنجس ظنه طاهرًا، أو مغصوبٍ ظنه مباحًا أو عكس ذلك، ثم انكشف له خلاف ظنه فإنه يعتبر ما انتهى إليه الحال، فإن انكشف متنجسًا ما ظنه طاهرًا، أو مغصوبًا ما ظنه مباحًا أعاد في الوقت، وفاقًا في المتنجس، وخلافًا للمؤيد بالله في المغصوب، فاعتبر فيه الابتداء(٦).
  وأما العكس وهو حيث انكشف طاهرًا ما ظنه متنجسًا، أو مباحًا ما ظنه غصبًا فالمؤيد بالله يعتبر فيه الابتداء، والحقيني يعتبر الانتهاء.
  وقد قوى الإمام المهدي كلام المؤيد بالله في اعتبار الابتداء في العكس.
(١) في (ب، ج): فإن أخبره.
(٢) في (ب): موافقًا للمذهب.
(٣) في (ب): قيل، بحذف الواو.
(٤) في (ج): فإذا.
(٥) البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب الاقتداء بسنن رسول الله ÷ ٦/ ٢٦٥٨ رقم (٦٨٥٨)، ومسلم، كتاب الحج - باب فرض الحج مرة في العمر ٢/ ٩٧٥ رقم ١٣٣٧، وابن حبان في صحيحه، باب الاعتصام بالسنة: ذكر البيان بأن النواهي سبيلها الحتم والإيجاب، إلا أن تقوم الدلالة على ندبيتها. ١/ ١٩٩ رقم (١٩)، والبيهقي، باب المريض يفطر ثم لم يصح حتى مات فلا يكون عليه شيء ٤/ ٢٥٣.
(٦) انظر: شرح الأزهار ١/ ٦٢.