تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الوضوء

صفحة 385 - الجزء 1

[الفرض الثالث: غسل الفرجين والخلاف في ذلك]

  (وغسل الفرجين) يعني بعد إزالة النجاسة لما تقدم من أن⁣(⁣١) شروط صحة الوضوء: طهارة البدن من نجاسة توجبه، وهذا هو الفرض الثالث، فيبدأ من أراد الصلاة بإزالة النجاسة من فرجيه بالأحجار أولا ثم بالماء، وتقديم الأحجار مع وجود الماء ندب لا وجوب كما تقدم.

  وكيفية الاستنجاء بالماء: أن يغسل فرجه الأعلى بيده اليسرى، ويفرغ عليها الماء باليمنى، فيغسله ثلاثا على قول أهل الثلاث⁣(⁣٢)، وحتى يظن الطهارة عند غيرهم⁣(⁣٣)، ثم يغسل فرجه الأسفل حتى يظن ظنا مقاربا للعلم أن النجاسة قد زالت.

  وندب بعد ذلك أن يمسح يده بالتراب؛ لما رواه أبو هريرة قال: «كان النبي ÷ إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة فاستنجى به، ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ». أخرجه أبو داود، وللنسائي نحوه⁣(⁣٤). وللنسائي عن جرير⁣(⁣٥) قال: كنت مع النبي ÷ فأتى الخلاء فقضى حاجته ثم قال: «يا جرير هات طهورًا» فأتيته بالماء فاستنجى، وقال بيده، ودلك بها الأرض. انتهى⁣(⁣٦). وهذا حيث كانت ثمة لزوجة أو بقاء ريح والله أعلم.

  قيل: ويطهر باطن الكف مع طهارة الفرج، وظاهرها بجري الماء؛ لأن نجاسته رطبة فيكفي الجري. وقيل: بل يجب غسل ظاهر الكف.

  وتقديم الفرج الأعلى ندب لا وجوب على الأصح. وندب التفحج عند الاستنجاء،


(١) في (ب): لما تقدم أنَّ شروط.

(٢) الإمام زيد بن علي، أبو طالب. ينظر: شرح الأزهار ١/ ٨٠.

(٣) أبو العباس الحسني، المؤيد بالله. ينظر شرح الأزهار ١/ ٨٠.

(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل عبد الله بن عمر ® ص ١٠٦٧ رقم (٢٤٧٧)، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى ص ٢٧ رقم (٤٥).

(٥) جرير بن عبد الله البجلي: يكنى أبا عمرو بن الغوث البجلي، أسلم سنة ١٠ هـ، قبل وفاة النبي ÷ بأربعين يومًا، بعثه رسول الله ÷ إلى ذي الكلاع، وذي رعين باليمن، نزل الكوفة وسكنها، وكان له بها دار، توفي سنة ٥١ هـ وقيل: مات بالسراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة لمعاوية. ينظر: أسد الغابة ١/ ٥٢٩ رقم (٧٣٠)، والاستيعاب ١/ ٣٠٨ رقم (٣٢٦)، والإصابة ١/ ٢٣٣ رقم (١١٣٦).

(٦) سنن النسائي، كتاب الطهارة - باب دلك اليد بالأرض بعد الاستنجاء ص ١٢ رقم (٥١).