تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[الإيصال بالمسموع إلى المعقول]

صفحة 107 - الجزء 1

  وأما قوله أيده الله تعالى: كما دل بالأصول على الفروع، فأراد بالأصول: الأدلة الشرعية التي هي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. وأراد بالفروع: المسائل الفقهية التي تؤخذ أحكامها من الأدلة المذكورة بالاجتهاد، والأحكام المذكورة هي: الوجوب، والندب، والحظر، والكراهة، والإباحة، وما يتصل بذلك، ويتفرع عنه.

[الإيصال بالمسموع إلى المعقول]

  قوله أيده الله تعالى: (وأوْصَلَ بالمسموع إلى المعقول، كما أوصل بالمعقول إلى المسموع): هذه الفقرة الشريفة كالأولى في العكس والتبديل، وإيهام التناقض.

  وأراد الإمام أيده الله بنصره بالإيصال بالمسموع إلى المعقول الإشارة إلى ما يصح الاستدلال عليه بالسمع من مسائل أصول الدين: وهو كل ما لا يتوقف صحة السمع [على العلم به]⁣(⁣١)، كمسألة نفي الثاني، ونفي صحة الرؤية، وكونه مدركًا، ومريدًا، وكارهًا، ونحو ذلك [مما يوصل]⁣(⁣٢) إلى معرفته تارة بالعقل وتارة بالسمع، وذلك لأن المطالب على⁣(⁣٣) ثلاثة أقسام:

  أحدها: ما لا يصح الاستدلال عليه بالسمع، وهو كل ما يتوقف العلم بصحة السمع على العلم بصحته، كمسألة إثبات الصانع، وصفاته الأربع الذاتية، وعدله، وصدق رسله.

  وثانيها: ما لا يصح الاستدلال عليه إلاَّ بالسمع، كمعرفة المبدأ، والمعاد⁣(⁣٤)، والملائكة، والعرش، والكرسي، ونحو ذلك مما لا طريق للعقل إلى العلم به.

  وثالثها: ما يصح الوصول إلى معرفته بالعقل وبالسمع، وهو ما تقدم ذكره، كمسألة نفي الثاني ونحوهما مما لا يتوقف [صحة السمع]⁣(⁣٥) على العلم بصحته⁣(⁣٦).

  وأما الإيصال بالمعقول إلى المسموع: فالمراد بذلك مسائل أصول الدين الثابتة بالأدلة العقلية الموصلة إلى العلم بصحة ما جاءت به الأنبياء $ من


(١) في (ش): على صحته وذلك.

(٢) في (ش): ما يمكن الوصول.

(٣) ساقط من (ب): على.

(٤) في (ش): والمعاد الجنة والنار.

(٥) في (ش): العلم بصحة السمع.

(٦) ينظر في تفصيل طرق الاستدلال كتاب شرح الأساس الكبير ١/ ٢١٣.