باب: [صلاة الجماعة]
  وقوله: "ولو عن قريب"(١) معناه: ولو ظهرت عدالته من زمان قريب، نحو أن يكون فاسقًا، فيظهر التوبة(٢)؛ فإنه يصح الائتمام به من وقته، ولا يحتاج إلى اختبار، كما في الحاكم والشاهد، ولا يحفظ في ذلك خلاف، ولا تقبل شهادته إلا بعد اختباره سنة؛ لتعرف صحة توبته(٣).
  قوله أيده الله تعالى: (المفترض غالبا) أي يشترط أن يكون الإمام مصليًا فريضة ولو أم المتنفل(٤)، وأما بمتنفل فلا تصح إمامته بمتنفل(٥)، إلا ما احترز منه(٦) بقوله" غالبًا" [وذلك صلاة العيدين](٧) على القول بأنها سنة، وصلاة الكسوفين والاستسقاء؛ فإن الجماعة فيهن مشروعة مع كونهن نوافل(٨).
[حكم صلاة الرواتب في جماعة]
  فأما الرواتب فقيل: لا تصح جماعة بالإجماع(٩)؛ إذ المعلوم من حال النبي ÷ أنه لم يكن يصليها جماعة، ولا يأمر الصحابة بالتجميع فيها، وغير الرواتب سوى ما تقدم مقيس عليها.
  وعند الشافعي أنه يصح أن يصلي المفترض خلف المتنفل(١٠)؛ لما روي أن النبي ÷ صلى صلاة الخوف بكل طائفة ركعتين(١١)، فلا بد من
(١) في الأصل: ولو عن قرب.
(٢) في (ب): فيظهر توبته.
(٣) شرح الأزهار ١/ ٢٩١.
(٤) عند الزيدية، ومالك، وأبي حنيفة، والحنابلة: لا يصلي مفترض فرضه خلف متنفل. ينظر: التحرير ١/ ٩٤، وشرح الأزهار ١/ ٢٨٤، وعيون المجالس ١/ ٣٦٣، والمغني ٢/ ٥٢.
(٥) في (ب، ج): ولو بمتنفل.
(٦) في (ب، ج): احترز عنه.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).
(٨) التحرير ١/ ٩٤، وشرح الأزهار ١/ ٢٨٤.
(٩) شرح الأزهار ١/ ٢٨٥، وروضة الطالبين ص ١٤٩، والمهذب ١/ ٢٧٦.
(١٠) المهذب ١/ ٣٢٣، وروضة الطالبين ص ١٦٤، وهذه رواية عن الحنابلة وليست هي المذهب. الإنصاف ٢/ ٢٢٦، والمغني ٢/ ٥٤.
(١١) صحيح البخاري ١/ ٣١٩ رقم (٩٠٠)، كتاب أبواب صلاة الخوف - باب صلاة الخوف، وصحيح مسلم ص ٣٦٣ رقم ٨٤٣، كتاب صلاة المسافرين - باب صلاة الخوف، وسنن أبي داود ص ٢٢٠ رقم (١٢٤٨)، كتاب صلاة المسافرين - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين، وسنن النسائي ص ١٤٥ رقم (٨٣٦)، كتاب الإمامة - باب اختلاف نية الإمام والمأموم، وصحيح ابن خزيمة ٢/ ٢٩٧ رقم =