تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الوضوء

صفحة 436 - الجزء 1

  بكل منهما، وكذا لو كان للرجل ذكران يبول بأحدهما ويطأ بالآخر، فإن تميز الأصلي من الزائد كان الحكم للأصلي، ويكون حكم الزائد حكم الثقبة المنفتحة كما سبق، والله أعلم.

  وعن بعض الشافعية: أن خروج المني غير ناقض للوضوء، وهو ظاهر عبارة الإرشاد، وصوروا ذلك بمن نظر لشهوة فأمنى؛ واستدلوا لذلك بأنه أوجب أعظم الأمرين بخصوصه، وهو الغسل، فلا يوجب أدونهما بعمومه، كزناء المحصن عندهم؛ لما أوجب أعظم الحدين، وهو الرجم؛ لأنه زنا محصن، لم يوجب أدونهما وهو الجلد بعموم كونه زنا⁣(⁣١)، ورجح بعضهم النقض بخروج⁣(⁣٢) المني⁣(⁣٣). وحكى بعضهم الإجماع على ذلك⁣(⁣٤)، وكذا ذكر الإمام المهدي في البحر أن ذلك إجماع⁣(⁣٥).

  قيل⁣(⁣٦): ومن غيب قطنة في ثقب ذكره، بحيث لولاها لخرج البول لم ينتقض وضوؤه⁣(⁣٧)، فلو بقي طرفها خارجا وقد تنجس داخلها لم تصح صلاته حينئذ؛ لأنه حامل لنجس.

[الناقض الثاني للوضوء: زوال العقل]

  قوله أيده الله: (وزوال عقل غالبا) هذا ثاني النواقض، وهو زوال العقل، سواء كان بنوم أو إغماء أو جنون أو سكر أو دواء، وسواء كان مضطجعا أو قاعدا أو مصليا؛ لما روي عن علي قال: قلت: يا رسول الله، الوضوء كتبه الله علينا من الحدث فقط؟ قال: «لا، بل من سبع: من حدث، وبول، ودم سائل، وقيء ذارع، ودسعة تملأ الفم، ونوم مضطجع، وقهقهة في الصلاة». حكاه في أصول الأحكام والشفاء⁣(⁣٨).


(١) ينظر: مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج ١/ ٣٢، والإقناع ١/ ٥٥، والمجموع ٢/ ٤، والعزيز شرح الوجيز ١/ ١٥٤، ١٥٥.

(٢) في (ج): لخروج.

(٣) ينظر: روضة الطالبين ص ٣٣ وقال فيه: إنما ينتقض بأربعة أمور .... إلا المني فلا ينقض الوضوء بخروجه، وإنما يجب الغسل. ولنا وجه شاذ أنه يوجب الوضوء أيضا. والمجموع ٢/ ٤ وذكر فيه: أنه محكي عن جماعة منهم صاحب البيان عن القاضي أبي الطيب أنه ينقض الوضوء فيكون جنبا محدثا.

(٤) وهم جمهور الفقهاء. ينظر: الموسوعة الفقهية ٣٩/ ١٤٢.

(٥) ينظر: البحر الزخار ١/ ٩٧، ٩٨.

(٦) وهو قول الحقيني، كما في البحر الزخار ١/ ٨٦ حيث قال: وما أدرك من داخل الثقب من البول، أو منع بقطنة لم ينقض؛ إذ ليس بخارج.

(٧) في (ج): الوضوء.

(٨) ينظر: شرح التجريد ١/ ٥٤، وأصول الأحكام ١/ ٣٩ رقم (١٢٦)، وشفاء الأوام ١/ ٧٦ باب نواقض الوضوء.