فصل: [من يغسل ومن لا يغسل]
[غسل جزء من الميت]
  قوله أيده الله تعالى: (ولو ذهب أقلٌّ(١)) أي ولو كان الميت العدل قد ذهب أقله، وهو دون النصف، فإن أكلته السباع أو نحو ذلك فإنه يجب غسل الباقي.
  وأما حيث ذهب النصف [سواء](٢) فصحح الإمام المهدي أنه لا يغسل النصف الباقي، وسواء كان مكمله الرأس أم لا(٣).
  قال: لأن أكثر الجسد جعل له حكم الكل، ولا كلام أن الرأس لا يصير به أكثر، وهذا هو المذهب أن النصف فما دونه لا يغسل(٤)، وهو قول أبي حنيفة(٥)؛ قياسا على بعض الحي أذا أبين، كاليد المقطوعة إذا بانت وبقي حيًّا؛ فإنها لا تغسل عندهم؛ ولأن ذلك يؤدي إلى تكرار الصلاة على الميت وهي لا تتكرر عندنا.
  وقال الشافعي: يغسل الأقل ويصلى عليه(٦)؛ لأن طائرًا ألقى يدًا في مكة يوم الجمل، عرفت بالخاتم، فغسلت، وصُلِّيَ عليها، يعني في ملأ من الصحابة(٧).
  قال في الغيث: قلت: وفي الحكاية نظر؛ لأن القياس أنها لا تغسل، لكنهم بنوا على أن اليد لغير شهيد.
  وإنما عدل المؤلف أيده الله عن قوله في الأزهار: "أو ذهب أقله"(٨) إلى قوله في
(١) في (ب، ج): ولو ذاهب أقلٍّ.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٣) شرح الأزهار ١/ ٤٠٤، والبحر الزخار ٢/ ٩٢، والتذكرة الفاخرة ص ١٤٤، والتحرير ١/ ١٢٤.
(٤) ينظر: المراجع السابقة.
(٥) بدائع الصنائع ١/ ٣٠٢، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٩٩، وذهب مالك إلى أنه لا يصلى على رأس ولا رجل ولا يد، ويصلى على البدن. قال ابن القاسم: معناه عندي إذا كان الذي بقي منه أكثر البدن.
(٦) المهذب ١/ ٤٣٩، وروضة الطالبين ص ٢٢٩، وهو قول الليث، ورواية عن أحمد، وعنه: لا يصلى عليه كما لا يصلى على يد الحي إذا قطعت، والمذهب ألأول. ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد ص ١٦٩، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٩٩.
(٧) المهذب ١/ ٤٣٩، وقد روي أن اليد كانت لعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، ألقاها طائر (نسر) بمكة من وقعة الجمل. ينظر: المجموع ٥/ ٢١٠.
(٨) الأزهار ص ٥٦.