تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

فصل: [من يغسل ومن لا يغسل]

صفحة 510 - الجزء 2

[غسل جزء من الميت]

  قوله أيده الله تعالى: (ولو ذهب أقلٌّ⁣(⁣١)) أي ولو كان الميت العدل قد ذهب أقله، وهو دون النصف، فإن أكلته السباع أو نحو ذلك فإنه يجب غسل الباقي.

  وأما حيث ذهب النصف [سواء]⁣(⁣٢) فصحح الإمام المهدي أنه لا يغسل النصف الباقي، وسواء كان مكمله الرأس أم لا⁣(⁣٣).

  قال: لأن أكثر الجسد جعل له حكم الكل، ولا كلام أن الرأس لا يصير به أكثر، وهذا هو المذهب أن النصف فما دونه لا يغسل⁣(⁣٤)، وهو قول أبي حنيفة⁣(⁣٥)؛ قياسا على بعض الحي أذا أبين، كاليد المقطوعة إذا بانت وبقي حيًّا؛ فإنها لا تغسل عندهم؛ ولأن ذلك يؤدي إلى تكرار الصلاة على الميت وهي لا تتكرر عندنا.

  وقال الشافعي: يغسل الأقل ويصلى عليه⁣(⁣٦)؛ لأن طائرًا ألقى يدًا في مكة يوم الجمل، عرفت بالخاتم، فغسلت، وصُلِّيَ عليها، يعني في ملأ من الصحابة⁣(⁣٧).

  قال في الغيث: قلت: وفي الحكاية نظر؛ لأن القياس أنها لا تغسل، لكنهم بنوا على أن اليد لغير شهيد.

  وإنما عدل المؤلف أيده الله عن قوله في الأزهار: "أو ذهب أقله"⁣(⁣٨) إلى قوله في


(١) في (ب، ج): ولو ذاهب أقلٍّ.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(٣) شرح الأزهار ١/ ٤٠٤، والبحر الزخار ٢/ ٩٢، والتذكرة الفاخرة ص ١٤٤، والتحرير ١/ ١٢٤.

(٤) ينظر: المراجع السابقة.

(٥) بدائع الصنائع ١/ ٣٠٢، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٩٩، وذهب مالك إلى أنه لا يصلى على رأس ولا رجل ولا يد، ويصلى على البدن. قال ابن القاسم: معناه عندي إذا كان الذي بقي منه أكثر البدن.

(٦) المهذب ١/ ٤٣٩، وروضة الطالبين ص ٢٢٩، وهو قول الليث، ورواية عن أحمد، وعنه: لا يصلى عليه كما لا يصلى على يد الحي إذا قطعت، والمذهب ألأول. ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد ص ١٦٩، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٩٩.

(٧) المهذب ١/ ٤٣٩، وقد روي أن اليد كانت لعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، ألقاها طائر (نسر) بمكة من وقعة الجمل. ينظر: المجموع ٥/ ٢١٠.

(٨) الأزهار ص ٥٦.