فصل: [في التعزية]
  ومنها: أنه يحرم إظهار الجزع على الميت برفع الصوت بالبكاء، ولطم الوجه، وجز الشعر، ونشره، وشق الجيب، والنياحة، والندب، وكل فعل يتضمن إظهار جزع ينافي الانقياد والاستسلام لقضاء الله تعالى(١)؛ والأصل في ذلك أحاديث: منها في الصحيحين: «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية»(٢). وحديث مسلم: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب»(٣) ونحوهما.
  ولا يعذب بذلك ميت لم يوص به، وإنما الإثم على فاعله، والأحاديث الواردة في تعذيب الميت ببكاء أهله متأولة بذلك، وبنحوه من التأويلات؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(٤) (٥).
فصل: [في التعزية]
  (وندبت التعزية لكلٍ بما يليق به) الأصل في استحباب التعزية حديث ابن مسعود أن رسول الله ÷ قال: «من عزى مصابا فله مثل أجره» رواه الترمذي(٦)، وضعفه بعضهم، وحمل على أنه مثل أصل أجره من دون مضاعفة كما قيل في نظائره، وحديث [أبي](٧) برزة أن رسول الله ÷
(١) روضة الطالبين ص ٢٤٠.
(٢) صحيح البخاري ص ٢٥٤ رقم (١٢٩٧)، كتاب الجنائز - باب ليس منا من ضرب الخدود، وصحيح مسلم ص ٩٧ رقم (١٠٣)، كتاب الإيمان - باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، وسنن النسائي ص ٣٢٥ رقم (١٨٥٩)، كتاب الجنائز - باب دعوى الجاهلية، ومسند أحمد بن حنبل ١/ ١٨٦ رقم (٣٦٥٨).
(٣) صحيح مسلم ص ٣٩٨ رقم (٩٣٤)، كتاب الجنائز - باب التشديد في النياحة، ومسند أحمد بن حنبل ٥/ ٣٤٤ رقم (٢٢٩٦٣)، وسنن البيهقي ٤/ ٦٣ رقم (٦٩٠٢)، باب ما ورد من التغليظ في النياحة والاستماع لها.
(٤) سورة الأنعام: ١٦٤.
(٥) روضة الطالبين ص ٢٤٠ - ٢٤١، والانتصار ٤/ ٧٣٠ - ٧٣٧.
(٦) سنن الترمذي ص ٢٥٠ رقم (١٠٧٣)، كتاب أبواب الجنائز - باب ما جاء في أجر من عزى مصابا، وقال فيه: ضعيف، وسنن ابن ماجة ص ٢٣٦ رقم (١٦٠٢)، كتاب الجنائز - باب ما جاء في ثواب من عزى مصابا، وسنن البيهقي ٤/ ٥٩ رقم (٦٨٨٠)، جماع أبواب التعزية - باب ما يستحب من تعزية أهل الميت رجاء الأجر في تعزيتهم.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل)، وفي (ب، ج): وحديث أبا برزة.