تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

فصل: [في التعزية]

صفحة 614 - الجزء 2

  ومنها: أنه يحرم إظهار الجزع على الميت برفع الصوت بالبكاء، ولطم الوجه، وجز الشعر، ونشره، وشق الجيب، والنياحة، والندب، وكل فعل يتضمن إظهار جزع ينافي الانقياد والاستسلام لقضاء الله تعالى⁣(⁣١)؛ والأصل في ذلك أحاديث: منها في الصحيحين: «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية»⁣(⁣٢). وحديث مسلم: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب»⁣(⁣٣) ونحوهما.

  ولا يعذب بذلك ميت لم يوص به، وإنما الإثم على فاعله، والأحاديث الواردة في تعذيب الميت ببكاء أهله متأولة بذلك، وبنحوه من التأويلات؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣(⁣٤) (⁣٥).

فصل: [في التعزية]

  (وندبت التعزية لكلٍ بما يليق به) الأصل في استحباب التعزية حديث ابن مسعود أن رسول الله ÷ قال: «من عزى مصابا فله مثل أجره» رواه الترمذي⁣(⁣٦)، وضعفه بعضهم، وحمل على أنه مثل أصل أجره من دون مضاعفة كما قيل في نظائره، وحديث [أبي]⁣(⁣٧) برزة أن رسول الله ÷


(١) روضة الطالبين ص ٢٤٠.

(٢) صحيح البخاري ص ٢٥٤ رقم (١٢٩٧)، كتاب الجنائز - باب ليس منا من ضرب الخدود، وصحيح مسلم ص ٩٧ رقم (١٠٣)، كتاب الإيمان - باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، وسنن النسائي ص ٣٢٥ رقم (١٨٥٩)، كتاب الجنائز - باب دعوى الجاهلية، ومسند أحمد بن حنبل ١/ ١٨٦ رقم (٣٦٥٨).

(٣) صحيح مسلم ص ٣٩٨ رقم (٩٣٤)، كتاب الجنائز - باب التشديد في النياحة، ومسند أحمد بن حنبل ٥/ ٣٤٤ رقم (٢٢٩٦٣)، وسنن البيهقي ٤/ ٦٣ رقم (٦٩٠٢)، باب ما ورد من التغليظ في النياحة والاستماع لها.

(٤) سورة الأنعام: ١٦٤.

(٥) روضة الطالبين ص ٢٤٠ - ٢٤١، والانتصار ٤/ ٧٣٠ - ٧٣٧.

(٦) سنن الترمذي ص ٢٥٠ رقم (١٠٧٣)، كتاب أبواب الجنائز - باب ما جاء في أجر من عزى مصابا، وقال فيه: ضعيف، وسنن ابن ماجة ص ٢٣٦ رقم (١٦٠٢)، كتاب الجنائز - باب ما جاء في ثواب من عزى مصابا، وسنن البيهقي ٤/ ٥٩ رقم (٦٨٨٠)، جماع أبواب التعزية - باب ما يستحب من تعزية أهل الميت رجاء الأجر في تعزيتهم.

(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل)، وفي (ب، ج): وحديث أبا برزة.