تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب التيمم

صفحة 532 - الجزء 1

  كون التراب خالصا أنه إذا لم يخلص عن غير المجزئ فإن ذلك الغير لا بد أن يلاصق بعض البشرة، فيمنع من مباشرة المجزئ لجميع العضو، فلا يصح التيمم؛ لعدم استيعاب العضو، بخلاف الماء فإنه وإن خالطه مالا يجزئ فهو لا يمنع من استيعاب المجزئ لما يجب تطهيره من الأعضاء؛ لرقته ولطافته وسيلانه.

  وأما على الرواية الأخرى عن العترة⁣(⁣١) وهي التي في التذكرة والأزهار وغيرهما⁣(⁣٢)، فكما مر في الوضوء من أن المعتبر في المجزئ من الماء ما لا يشوبه⁣(⁣٣) مستعمل مثله فصاعدا، لا دون ذلك، فإن التبس الأغلب غلب الأصل ثم الحظر ولا غيّر بعض أوصافه ممازج طاهر، فكذا يكون حكم التراب قياسا.

  والصحيح ما اختاره المؤلف أيده الله تعالى؛ والفرق بين الماء والتراب ما تقدم، ولا قياس مع وجود الفارق.

  سؤال: لو خالط التراب من المائعات الطاهرة غير المطهرة ما غير أحد أوصافه، كالخل، وماء الورد، ثم جف هل يصح التيمم به حينئذ؟ الأقرب أنه إن زال بغيره بعد الجفاف صح التيمم به وإلا لم يصح. والله أعلم.

[فروض التيمم]

  قوله أيده الله تعالى: (وفروضه التسمية) أي فروض التيمم خمسة: أولها: التسمية فهي مشروعة إجماعا؛ واختلف في وجوبها: فالمذهب أنها فرض قياسا على الوضوء، ومن خالف في وجوبها في الوضوء خالف⁣(⁣٤) هاهنا⁣(⁣٥)، وأحد احتمالي أبي طالب أنها لا تجب في التيمم⁣(⁣٦)، ومحلها وقدرها في التيمم كما مر في الوضوء.


(١) وحكاه في الانتصار عن أبي حامد الغزالي، وهو وهم، والذي في مجموع النووي ٢/ ٢٥٠: حكى الأصحاب عن أبي إسحاق المروزي أنه يجوز إذا كان الخليط مستهلكا. اهـ. أي إذا كان التراب هو الغالب. وقال أيضًا: قال الشيخ أبو حامد والأصحاب: هذا الوجه غلط. اهـ.

(٢) التذكرة الفاخرة ص ٦٩، وشرح الأزهار ١/ ٤٥٢، والبيان الشافي ١/ ١٣٦.

(٣) في (ب، ج): من الماء أن لا يشوبه.

(٤) في (ب، ج): خالفت هنا.

(٥) وهم الشافعية، والحنفية، والمالكية. ينظر: التذكرة الفاخرة ص ٦٩، وشرح الأزهار ١/ ٤٥٢، والمجموع للنووي ٢/ ٢٦٢، والبحر الرائق ١/ ٣١٨، وحاشية الدسوقي ١/ ١٥٨.

(٦) واختاره الإمام يحيى بن حمزة في الانتصار ٢/ ٢٦٩، وهو خلاف اختياره في الوضوء، فقد اختار =