تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب المياه

صفحة 327 - الجزء 1

  وتأول الحديث على أن المراد فيه باليقين العلم أو الظن المقارب له، وأن المراد بقوله ÷: «حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا»⁣(⁣١) حيث لم تحصل له أمارة قوية بأن ذلك النفخ من دبره. فأما مع قوة الأمارة فلا عبرة بالصوت أو الريح. انتهى.

[استطراد في الأحكام باعتبار العلم]

  (قيل: والأحكام باعتبار العلم و [نحو]⁣(⁣٢) الاستصحاب⁣(⁣٣)، ومراتب الظن ضروب تأتي إن شاء الله تعالى).

  هذه العبارة مع ما وقعت عليه من الإيجاز القريب من حد الإعجاز قد أفادت ما أفادته عبارة الأزهار، وسلمت مما أورد عليها.

  والمراد بالأحكام ها هنا المسائل، وإن كانت في الأغلب إنما يراد بها الأحكام الخمسة التي هي: الوجوب، والندب، والحرمة، والكراهة، والإباحة. والضروب المذكورة ستة: ضرب منها: بالنظر إلى العمل فيه بالعلم، وضربان بالنظر إلى الاستصحاب وعدمه، وثلاثة أضرب منها يعمل فيها بالظن باعتبار مراتبه⁣(⁣٤).

  فالأول من الأضرب الستة هو الذي لا يعمل فيه إلا بالعلم، وذلك ستة أنواع:

  النوع الأول: الشهادة، فإنه لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا عن علم ويقين؛ لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}⁣(⁣٥)، وقوله ÷ مشيرا إلى الشمس: «على مثلها فاشهد وإلا فدع⁣(⁣٦)»⁣(⁣٧).

  قلت: هكذا اشتهر لفظ هذا الحديث على الألسن، ولفظه في شفاء الأوام عن النبي ÷


(١) سبق تخريجه ص ٤١٩.

(٢) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).

(٣) الاستصحاب: هو دوام التمسك بأمر عقلي أو شرعي حتى يحصل ما يغيره. انظر هامش شرح الأزهار ١/ ٦٩.

(٤) شرح الأزهار ١/ ٦٤.

(٥) سورة الزخرف: ٨٦.

(٦) في (الأصل): على مثلها وإلا فدع.

(٧) أخرجه في أصول الأحكام ٢/ ٣٦٥ رقم (٢٣٥٩) ولفظه: سئل النبي ÷ عن الشهادة قال: «ترى هذه الشمس، على مثلها فاشهد وإلا فدع»، وشرح التجريد ٦/ ٢٢٨، ٢٢٩، باب القول في الشهادات، مسألة: في شهادة الأعمى.