باب الحيض
  نعم وإنما اعتبرنا القرئين لما رواه أبو داود والترمذي عن النبي ÷ في المستحاضة قال: «تدع الصلاة أيام أقرائها» الحديث(١)، وله شواهد، فأمرها بالرجوع في العادة إلى أقرائها، والثلاثة الأقراء غير معتبرة إجماعا، فبقي قرآنِ؛ إذ هما(٢) أقرب إلى الجمع؛ وإذ لا فرق بين النادر والمعتاد إلا بأن النادر مرة واحدة؛ فلم يعتبر لذلك.
  قوله أيده الله تعالى: (ويغيرها كل وتر مخالف، ويثبت بالشفع) مثال ذلك أن تثبت عادتها ثلاثا بقرئين ثم يأتيها الدم في وقت عادتها أربعا، فهذا القرء وتر بالنظر إلى القرئين المتقدمين فتغير العادة به، فإذا أتاها في الثاني خمسا فهذا القرؤ شفع بالنظر إلى الثلاثة الأقراء المتقدمة، فتثبت به عادتها أربعا؛ لأنها قد حاضتها مرتين بعد تغير العادة، ولا حكم لما قبل تغيرها، وعلى هذا يكون الحكم في كل وتر وشفع من الأقراء لما مر(٣).
فصل: [في أحكام الحيض]
  (وتَحيَّض لرؤيته) أي تعمل بأحكام الحيض من ترك الصلاة، والصوم، والقراءة، ونحو ذلك إذا رأت الدم في وقت إمكان الحيض، وهو ما عدا الأربع الحالات التي تقدم ذكرها ما دم الدم مستمرا، وأسقط [المؤلف](٤) قوله في الأزهار: "ولا حكم لما جاء وقت تعذره" لفهم ذلك مما سبق من قوله: ويتعذر ... إلى آخره.
  قوله أيده الله تعالى: (فإذا انقطع لدون أقله(٥) صلّت) أي عملت بأحكام الطاهر من الصلاة وغيرها، أما المبتدأة فمطلقا، وأما المعتادة فإن كانت لا تعتاد توسط النقاء فكذلك، وإن كانت تعتاده تحيضت على حسب ما يعتاد.
(١) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة ص ٣٥ رقم (١٢٦) وقيل فيه: صحيح بما قبله، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب من قال: تغتسل من طهر إلى طهر ص ٦٧ رقم (٢٩٦)، والنسائي في سننه، كتاب الحيض والاستحاضة - باب الفرق بين الدم والاستحاضة ص ٦٣ رقم (٣٦٢)، وابن أبي شيبة في مصنفه، باب المستحاضة كيف تصنع ١/ ١١٨ رقم (١٣٤٨)، والفردوس بمأثور الخطاب ٤/ ٢٣١ رقم ٦٦٩٣.
(٢) في (ب، ج): وإذ هما.
(٣) وهو قول أبي طالب، والشافعي، وأبي حنيفة. ينظر: البحر الزخار ١/ ١٣٩، والتحرير ١/ ٦٥، ٦٦، والهداية ١/ ٣٤، والمجموع ٢/ ٤٢٧، والبحر الرائق ١/ ٤٣١.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).
(٥) في (ب): لدون ثلاث صلت.