باب الوضوء
  هو مذهب الناصر، والمنصور، والشافعي، وتخريج أبي مضر للهادي والمؤيد بالله، فيصح الوضوء للصلاة قبل الغسل من الجنابة ونحوها(١)، أو يكون اكتفى بذكر موجب الوضوء عن ذكر موجب الغسل؛ لأن ما أوجب الغسل أوجب الوضوء، والله أعلم.
  وعلل في البحر عدم صحة تقديم الوضوء على النجاسة الناقضة بأنها في محل الحدث، ولا يرتفع عما عداه حتى ترتفع عنه؛ وإذ لا يأمن حدثًا ناقضًا فيبطل ما تقدم، وإذ ظاهر الآية يقتضي أن الصلاة عقيب الوضوء. انتهى(٢).
  وعند الشافعي أن تقديم الاستنجاء على الوضوء مستحب فقط(٣)، قيل: ومن شروط صحة الوضوء: إباحة الماء، وأن لا يخشى على نفسه منه، وأن لا يمنعه عما هو أوجب منه.
[الوضوء المندوب]
  (وندب لدعاءٍ ونحوه مطلقا) أي ويندب الوضوء لدعاء ونحوه من تسبيح وتحميد واستغفار، ولو كان جنبا كما أشار إليه [المؤلف](٤) بقوله: "مطلقا". وكذلك يندب لتلاوة القرآن في حق غير الجنب، والوجه ظاهر.
  (ومن جنب لوطء، وطعم، ونوم)، أي ويندب للجنب أن يتوضأ إذا أراد أحد الثلاثة الأمور(٥) المذكورة، وذلك حيث كانت الجنابة من وطء؛ وذلك لما رواه الخدري أن رسول الله ÷ قال: «إذا أتى أحدكم أهله ثم بدا له أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءًا». هذه رواية مسلم، وأبي داود، والترمذي(٦)، ولفظ(٧) رواية النسائي:
(١) انظر: مسائل الناصريات ص ١٤٣، وشرح الأزهار ١/ ٧٩، والانتصار ٢/ ٩٧، ومغني المحتاج ١/ ٣٢.
(٢) انظر: البحر الزخار ١/ ٨٤.
(٣) انظر: المجموع ٢/ ١١٣، والحاوي ١/ ٢١٠. ويجب تقديم الاستنجاء على المذهب الشافعي في حق صاحب الضرورة وعلى المتيمم. انظر: حاشيتي قليوبي وعميرة ١/ ٦٢.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ج).
(٥) في (ب): أحد الأمور الثلاثة.
(٦) مسلم ١/ ٢٤٩ رقم (٣٠٨)، كتاب الحيض - باب جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء، وأبو داود ١/ ١٤٩ رقم (٢٢٠)، كتاب الطهارة - باب الوضوء لمن أراد أن يعود، والترمذي ١/ ٢٦١ رقم (١٤١)، كتاب الطهارة - باب في الجنب إذا أراد أن يعود توضأ. قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح، وسنن البيهقي ١/ ٢٠٣، كتاب الطهارة - باب الجنب يريد أن يعود، والمستدرك ١/ ١٥٢ كتاب الطهارة - أبواب الغسل عن الجنابة. بزيادة: «فإنه أنشط للعود»، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ومثله ابن حبان ٤/ ١٢ رقم (١٢١١)، باب ذكر الأمر بالوضوء لمن أراد معاودة أهله (ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر).
(٧) في (ب): وفي لفظ.